أصدر نقيب الموسيقيين المصريين منير الوسيمي أمس الأوّل قرارا بمنع المغنية اللبنانية كارول سماحة من الغناء في مصر عقابا لها على تقديمها ما وصف بأنه "وصلة من الرقص الساخن خلال حفل لها في منتجع مارينا السياحي". وجاء في قرار المنع على لسان هذا المسؤول قوله التالي: "قرّرت منع سماحة من الغناء لحين اعتذارها عما قامت به في الحفل المذكور، وإعلام شرطة المصنفات الفنية لتنفيذ القرار وإبلاغ كل من يتعاملون معها".
أمّا كرول سماحة، "المتسامحة" بطبعها، فماذا قالت في ردّها على قرار منعها من الغناء في مصر: "آن الأوان أن يعرف جمهوري كم أنا امرأة مثيرة وجميلة".. وهذا يعني في ما يعني أنّها أضحت تبحث عن الشهرة لا عبر "طاقتها" الغنائيّة وإنّما عبر إظهار مفاتنها الجسديّة.. كما نفهم من تصريحها هذا رغبتها في إحداث فرقعة بالونات إعلاميّة بشأن مُصادرة حقها في الإفصاح عن "مواهبها" المتعدّدة في فضاء عام. ومن ثمّة نجحت إلى حدّ مّا في الإيقاع بهذا "النقيب الموسيقار" في فخّ ربّما حفرته له بإتقان..
نقابة الموسيقيين.. ضيعة خاصّة..
لا نستغرب كذلك أن يكون نقيب الموسيقيين المصريين "الوسيم"ـي المذكور أعلاه في حدّ ذاته يرمي بدوره إلى تحقيق شهرة تخونه وإحداث ضجّة إعلاميّة، مُستشعرا لذة السلطة التي في يده ورافعا سوطه الموسيقي المتفرّد، قائلا بصيغة الأنا المفرد "قرّرت" وكأنّ نقابة الموسيقيين المصريين ضيعة خاصة ورثها عن أبيه، فزمجر منبّهًا أولياء نعمته بجسامة دوره في الدفاع عن قيم الحشمة والحياء وعن حرمة تقاليدنا العربية.. أعطى هذا النُوقيب لنفسه بذلك حق الوصاية على الأخلاق العامّة .. وكأنّ مجتمعاتنا خالية تماما من المواخير القائمة بقوّة القانون في مُعظم المدن العربية الكبرى.. وكأنّ هذا التراث الإبداعي العربي يخلو بدوره من أدب اللهو والمجون، فبجرّة قلم يتخيّل أعوان الرقابة وأوصياء ثقافة المنع والمصادرة إمكانيّة محو القصائد "الخليعة" لأبي نؤاس وحذف الليلة السادسة عشرة من الإمتاع والمؤانسة للتوحيديّ وما إلى ذلك..
إنّها ثقافة المنع أضحت منتشرة في ربوعنا العربيّة إلى درجة لا تـُحتمل.. صحيح أنّ لكلّ عصر أوصياء ديدنهم المنع والتحريم.. ولكنّ المُفزع أنّ هذا البؤس الثقافي أصبح جدّا منتشرا لا وحسب بين الشيوخ الملتحين وأصحاب العمامات وإنّما أيضا في أوساط الموسيقيين والمبدعين والفنانين أو أشباههم.. وكلّما زادت وتيرة ثقافة المصادرة والمنع إلاّ وازدادت فرص انتشار الفنّ الهابط والمبتذل وهيمنته..
ملاحظة: قرأت خبر (منع كارول سماحة من الغناء في مصر) في صحيفة "الثورة" السوريّة. وبما أنّ هذه الصحيفة تخصّص حيّزا للتعليق على المقالات والأخبار التي تنشرها فقد بادرت تلقائيا بكتابة هذا التعليق.. وقد تأخر نشره لسبب لا أعلمه بفادرت بالتوسع في التعليق المذكور ونشره في المدوّنة
تصحيح : نشرت الصحيفة السورية التعليق، وهذا هو الرابط :
(مصدر الصورة: www.alarab.co.il)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق