2008-08-15

للمرأة يوم، فماذا عن بقيّة أيّام العام ؟

نِصفـُنا الثاني أم الأوّل ؟!
يُصادف يوم 8 مارس -كما هو معروف- اليوم العالمي للمرأة، ويتمّ الاحتفال باليوم الوطني للمرأة في تونس يوم 13 أوت/أغسطس من كلّ عام. وقد تكون بعض الدول الأخرى قد حدّدت تواريخ مُغايرة ذات دلالات مّا للاحتفال بأيّامها الوطنيّة للمرأة. وفي كلّ الأحوال يتمّ الاكتفاء بيوم احتفالي واحد (وربّما يومين إذا ما أضفنا اليوم العالمي)، في حين قد تختلف مضامين هذا الاحتفال وأغراضه وأهدافه من بلد إلى آخر ومن جهة إلى أخرى...
فتجد التنظيمات النسائيّة في معظمها وخاصّة المستقلّة منها تغتنم هذه المناسبة للمطالبة بإقرار المزيد من الإجراءات التي تكرّس المساواة والشراكة وإيلاء الاهتمام اللازم بالنوع الاجتماعي. أمّا الأنظمة السياسيّة القائمة فهي تنحو في الأغلب نحو استثمار دلالات هذا اليوم لتكثيف دعايتها لما حققته من إنجازات لتمكين المراة...
وبـِغـضّ النظر عن الغايات التي تضمرها هذه أو تلك، تتقدّم "الماكينة" الإعلاميّة جميع الصفوف وتشتغل في كلّ مكان لتعظّم من شأن هذا الحدث، ثمّ يُنسى هذا اليوم وتـُنسى المرأة نفسها بسرعة البرق في اليوم اللاحق ولا تعود ذكراه إلى واجهة الأحداث إلاّ بعد عام بأكمله...
ماذا عن المرأة خلال الأيّام والأشهر الأخرى من كلّ عام؟ من يهتمّ بمشاغل الفتاة العاملة في المصنع والمرأة المُزارعة في الحقل والطالبة في الجامعة والممرضة في المستشفى والشرطيّة في الطريق العام ؟
من ينشغلُ بحقوق هؤلاء وغيرهنّ خلال الأيّام العاديّة من السنة؟ ألا تـُوصف المرأة عادةً بالنصف الثاني (للرجل) ؟ إنّه، بلا ريب، لقب ابتدعه الرجل وعيًا بطلائعيّة دور المرأة في أيّ مجتمع.. لقب يعني نظريّا أنّ الرجل ليس إنسانا مكتملا إذا غاب نصفه الثاني.. فلماذا إذن يتمّ تغييب المرأة؟ ولماذا لا تـُمنح سوى يوم واحد من الاهتمام من ضمن 360 يوما أو أكثر ؟
لا أشكّ مطلقا أنّنا، رجالا ونساءً، نختلف في نظرتنا إلى المرأة، سواء لاعتبارات دينيّة أو اجتماعيّة أو حتّى فزيولوجيّة أو سواها، غير أنّ كلّ تلك الدوافع تبقى نسبيّة، وقد تختلف من شخص إلى آخر، ولا يُمكن فرضها بالكيفيّة نفسها على الجميع. وفي كلّ الأحوال لا يمكن أن تحجب الواقع الاجتماعي الجديد، وهو واقع يتسم عمليّا بالشراكة الفعليّة حتى وإن رفضها البعض ظاهريّا...
المرأة أضحت، على المستوى العملي، شريكا حقيقيّا في الاضطلاع بكلّ المهام والمسؤوليّات، فلماذا النظر إليها على أنّها إنسان يُركنُ في المرتبة الثانية، وينبغي فقط مكافأتها بيوم احتفالي نظير تلك الشراكة المُعترف بها على مستوى الخطاب المُعلن، وهي المدفوعة إلى الصفّ الثاني على مستوى الممارسة...
المرأة في الزمن الراهن أضحت في تقديري بمثابة نصفنا الأوّل، حيث لا حياة إذا لم يكتمل النصفان...
(مصدر الكاريكاتير: http://roseric.r.o.pic.centerblog.net)

هناك 3 تعليقات:

الإعلامية ألفة الجامي يقول...

اشكرك، سيدي، على نيتك الطيبة لتعديل من مرتبة النساء.
في هذا المجال اريد أن ابدي رايي واخاله مخالفا تماما لما تفضلت ودونت
حسب رائي ان ماتقوم به المراة حاليا من جهود لا يعد امرا خارقا او جديدا عليها، -اذ التاريخ يظهر نضالاتها اأما وأختا وعاملة-,,يستحق ان تشكر عليه بطريقة خاصة جدا كأن يكون لها من اجله يوما او يومين عيدا اعترافا لما تقوم به...
ان كان المجهود المبذول والكدح مقياسا الإجازة بمفهوم "التوحيدي" في رسالة الغفران فانا بدوري اطالب بعيد للرجل لما يقدمه من خدمات للمجتمع,
هذا من ناحية
ومن اخرى استغرب منك ان كنت تسر على مبدأ الإجازة أن تكون هذه الإجازة بهذا الشكل، يومين عيد
هنا اتساءل ان كنا شعوبا عربية نحتاج فعلا إلى يومين عيد،
ألا تشاطرني الرأي اننا دولا عربية نحتاج إلى أكثر من عيد، نحتاج إلى عمل ثم عمل ثم عمل فعمل,,,
ومن ناحية اخرى
استغرب منك وانت التقدمي والمناضل لحقوق الانسان ان تعتمد التقسيم الجنسوي في حديثك، امرأة رجل، وتعتمده معيارا للحديث عن العمل والكد، ومعيارا للحديث عن الانسان
ألست معي اننا اليوم لا نحتاج إلى تفرقة في العطاء الآدمي، بقدر ما نحتاج إلى العطاء في حد ذاته
المهم فعل العطاء وليس المهم من قام
به,
المصلحة العامة هي الأهم حسب رأيي
ومن ناحية رابعة، استغرب منك أن تجعل التراتبية الفيصل في الحديث عن الانسان امرأة أو رجل ما دمت مسرا على اعتبار التمييز منطلقا للحديث
لقد اجتهدت ان تجعل المراة في مرتبة أولى، لكن اخفقت سيدي مرتين
اولى عندما جعلت منطلق الترتيب الرجل
وثانيا عندما جعلت النصفية مقياسا
بحيث تكون المراة في اقتراحك، نصفا في المرتبة الاولى
وهنا اقول لك لا يهني شخصيا كأمرأة ان اكون في المرتبة الاولى او الثانية بقدر ما يهمني من أكون, وطبعا لن يروق لي أن أعتبر نصا
غبنا تؤكد على المنظومة النصفية لترتيب المرأة
لا يهمني ان اكون الاولى بقدر ما يهمني ان اكون انسانالا تربطني بالرجل علاقة نصفية من الطرفين
لا اقول كاملة بقدر ما اقول انسانا كما خلقتني الطبيعةالكاملة ووضع ترتيبي بشر ناقص
اعتمادك هذا الترتيب وان كان عن حسن نية فانه لا يعدو ان يكون ملتصقا بالفكر "النصفي",
في الأخير، اشكرك على حسن نيتك، واذكرك ان العلاقة بين الكائنين البشرين لا تعدو ان تكون علاقة انسانية في الاول والاخير يحتاج كل طرف فيها إلى الآخر ولكن هذا الاحتياج لا يكون مرضيا أو مسببا ل"عجز نصفي" بدليل ان كلا الطرفين تكتب لهما الحياةفي صورة غياب طرف ما عن الآخر,
اعتقد انني ورطتك يوم طلبت منك امرا خاصا للمراة في عيدها، ما كان ذلك الا استغرابا مني لعدم مواكبتك الاحداث الوطنية في حين انك اعلنت ان المواكبة عنصرا اساسيا في مدونتك، جميل ان نواكب والاجمل من ذلك الا نتورط
مع أطيب تمنياتي بالتوفيق

"شبه مواطن" يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
"شبه مواطن" يقول...

أراني جدّا سعيدا بهذا التعليق العميق يا ألفة، ويبدو أنّ الورقة التي خططتها قد استفزّتك وأعادتك بدورك إلى الكتابة، وهذا إنجاز يُحسب لك.. كما أنّها ورقة قد أراها، بخلاف ما ذهبت إليه، من أنجح الورقات. لماذا؟ لأنّها دفعتك إلى كتابة تعليق يكاد يكون أطول من الورقة الأصليّة في حدّ ذاتها.
وفي سياق مواصلة النقاش أودّ إعادة التوضيح بأنّني لم أطالب قط بيومين عيدٍ، ولا أرى أصلا أنّ اليوم الوطني أو العالمي للمرأة هو مجرّد يوم إجازة..
وجدير بالشرح أنّ استخدام مصطلحي إمرأة ورجل لا يعني، في كلّ لغات الدنيا، الاستناد إلى خلفيّة "جنسويّة" تمييزيّة بالضرورة.
ولا يفوتني أن أشير في هذا الصدد كذلك إلى أنّني ، في نطاق معيّن ومراحل تاريخيّة معيّنة، أجد نفسي مناصرا لما يُعرف بـ"التمييز الايجابي" وأخالُك تعرفين معنى ذلك.
أمّا ما نعته بـ"الفكر النصفي" فهو لعَمري مصطلح جديد قد يستدعي "نظرا وتحقيقا" بالتعبير الخلدوني، وسأحفظ لك بشأنه حقوق التأليف.
أخيرا آمل أن تكون الورود التي أهديتها في مدوّنتي يوم 13 أوت إلى كلّ نساء تونس في عيدهنّ قد وصلت إليك.
ودُمت بخير..