‏إظهار الرسائل ذات التسميات شؤون عربية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات شؤون عربية. إظهار كافة الرسائل

2009-03-24

- في سوق الفتاوى. في سوق الفتاوى. في سوق الفتاوى. في سوق الفتاوى. في سوق الفتاوى. في سوق الفتاوى. في سوق الفتاوى.

شيخ الأزهر يُفتي بجواز نقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام

أجاز شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي نقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام دون الحصول على موافقتهم لأنه ليس لهم أي ولاية على أجسادهم، حسب رأيه.

جاءت الفتوى بعدما أصدرت محكمة مصرية أحكاما بالإعدام ضد عشرة أشخاص أدينوا باغتصاب امرأة بمحافظة كفر الشيخ شمالي مصر. وقال طنطاوي إنه يجوز شرعا نقل أعضاء المدانين في جرائم القتل العمد وهتك العرض، بعد تنفيذ الحكم فيهم، إلى الأحياء المحتاجين. وأضاف -في تصريحات تناقلتها صحف مصرية- إن هؤلاء سيثابون على ذلك لأنّهم ساهموا في شفاء أو إنقاذ مريض.

وتتعثر مصر في إصدار تشريع ينظم عملية نقل الأعضاء بين الأحياء للخلافات الحادّة بين المؤيدين والمعارضين. وقد أثارت فتوى طنطاوي الأخيرة ردود فعل متباينة. ففي الوقت الذي أيّدها رجال دين كبار داخل الأزهر وخارجه باعتبارها تحلّ معضلة وتنقذ أرواحا، وقف معارضون للفتوى ينذرون باحتمال تحوّل مصر إلى سوق لتجارة الأعضاء رسميا وحذروا من أنها تنتهك حرمة جسد الميت.

(مصدر الخبر : مقتبس من بي بي سي العربية)

2009-03-17

- Plus royaliste que le roi...

السلطات المصرية تصادر أموالا "مهرّبة" مع وفد حماس

الخبـــــر :

رويترز - ذكرت مصادر أمنية ومسؤولو جمارك أن قوات الأمن المصرية منعت اثنين من مسؤولي حركة المقاومة الاسلامية (حماس) يوم الثلاثاء من دخول القطاع الذي تديره حماس ومعهما معدات للرؤية الليلية وأموالا سائلة تقدر بحوالي 900 ألف دولار. وتم إيقاف مسؤولي حماس على الحدود مع قطاع غزة بعد أن وجد موظفو الجمارك مبلغا ماليا قدره 500 ألف يورو و250 ألف دولار أثناء تفتيش حقائبهما في طريق عودتهما لغزة بعد أن شاركا في محادثات للمصالحة الفلسطينية في القاهرة.

وقال مصدر بالجمارك "عثر على هذه المبالغ ويجري اتصال في الوقت الحالي مع وزارة المالية المصرية لاتخاذ قرار في هذا الأمر" وقالت مصادر أمنية وجمركية إن السلطات عثرت أيضا على نظارتين للرؤية الليلية.

وهذه هي المرة الثانية خلال شهرين التي يمنع فيها مسؤولين من حماس من إدخال مبالغ مالية كبيرة لغزة.

وفي فبراير شباط الماضي أجبر مسؤولون مصريون أيمن طه القيادي بحماس على إيداع أكثر من 11 مليون دولار نقدا في مصرف في مدينة العريش المصرية كان قد حاول إدخالها لقطاع غزة. وعبر طه فيما بعد بدون الأموال. وقالت المصادر الأمنية إنه بالإضافة إلى مسؤولي حماس اللذين تم إيقافهما عن الحدود مع غزة منعت السلطات مسؤولين آخرين من إدخال معدات للاتصالات إلى قطاع غزة من بينها هاتف يتصل عن طريق الأقمار الصناعية وجهاز لنظام تحديد المواقع بالأقمار الصناعية. والمسؤولان كانا يشاركان أيضا في محادثات المصالحة الفلسطينية ولكن المصادر لم تكن متأكدة من الفصيل الذي ينتميان إليه. وقالت المصادر الأمنية المصرية إنه سيسمح للفلسطينيين الأربعة بالعبور لقطاع غزة دون الأموال والمعدات.

التعليـــق :

بغضّ النظر عن مواقفنا من حركة حماس وما لها وما عليها، يبدو من المخجل أن تكون السلطات المصريّة أكثر حرصا من الإسرائيليين والأمريكان على تجريد حركة حماس وقياداتها من الدعم الخارجي، خاصة أنّ هذه الحركة تحكم قطاع غزّة وتُشرف على كل نواحي الحياة والتموين فيها. ومن الطبيعي أن تكون لها أرصدة يستفيد منها الشعب الفلسطيني في غزّة بشكل من الأشكال. فلا يمكن إذن أن نناصر سياسة تجفيف المنابع إذا كان ذلك على حساب أرواح الناس وقوتهم اليومي بغض النظر عن الاعتبارات الإيديولوجية والسياسية مهما كانت شموليّة. قد تكون بعض قيادات "حماس" متورّطة في عمليات فساد مالي سياسي مثلما هو الأمر بالنسبة إلى قيادات أخرى في السلطة الفلسطينية، وهذا لا يحجب أيضا الحقيقة الشائعة عن تواتر الممارسات ذاتها في أوساط سياسة مصريّة معروفة أيضا.

يبدو أنّ السلطات المصرية تنسى ذاتها حين يتعلق الأمر بحلفاء كامب دافيد فتتصرّف بشكل ملكي أكثر من الملوك مثلما يقول المثل الفرنسي الشائع "Être plus royaliste que le roi".

ما رأيكـــــــم؟؟؟

2009-03-13

- حول الانفصام والكذب الرسمي...

حالة السودان.. "العجوزة هازّها الواد وهي تقول العام صابة"!!!

يبدو أنّ الحالة العربيّة أضحت فريدة من نوعها في العالم بأسره، حالة من الانفصام الذهني العارم غرقت فيها معظم الشعوب والحكومات فبلغت أوجها دون كبير أمل في أن تنقلب إلى ضدّها. فبقدر ما أصبحت الأمور مكشوفة لكلّ ذي عقل تصرّ مجتمعاتنا بممارسة التهافت على الكذب والانتهازيّة السياسيّة والنفاق الاجتماعي.

وربّما يُعدّ السودان مثالا ضاربا لهذه الحالة. فبعيدا عن الغوغائيّة الساذجة أصبح من المتفق عليه أنّ هذا البلد الأصيل يقبع اليوم في قرار أزمة متعدّدة الأبعاد، تسبّبت فيها سنوات من الحكم الشمولي المتسلّط والعدوّ لكلّ حراك اجتماعي وحداثي انتهى إلى أزمة إنسانيّة لا يمكن الوعي بها لمن تحكم أفقه الذهني الاعتبارات العرقية والطائفيّة الضيّقة.

جانب غير هيّن من الشعب السوداني ذاق ويلات الحرب والتهجير والمجاعة القاسية والتقتيل المنهجي. بلد النيل والتربة الطيّبة أضحى غير قادر على سدّ رمق الجياع ومداواة المرضى ولملمة جراح العاجزين.. فإغاثة هؤلاء آخر اهتمامات صاحب القرار ودَأبُه التشبّث حتى الموت بتلابيب السلطة والرقص رافعا السيف والبندقية في حضرة مهرجانات الولاء ودعوة مئات الوفود العربية والأجنبيّة للتصفيق للزعيم الأوحد.

وفي غمرة هذا العناء اللا محدود للشعب السوداني واصطفاف الغرب لتضييق الخناق على عمر البشير وما ينجرّ عن ذلك من تأزيم للأوضاع العامّة في البلاد، يُعلن أحد وزراء المشير البشير أنّ "السودان الآن مؤهل لاستقطاب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، ويُعتبر الملجأ الآمن لهذه الأموال" لاسيّما أنّ معدّلات نمو الاقتصاد السوداني لم تتوقف ووصلت إلى نحو 16 بالمائة ومتوسّطها 9 بالمائة. هذا ليس من وحي الخيال وإنّما تصريح رسمي أعلنه أمس الأوّل وزير الدولة بوزارة الاستثمار السودانية سلمان سليمان الصافي، مؤكّدا أنّ "ما يوجّه ضد السودان من سهام لن تؤثر فيه" فقد أعدّت الحكومة السودانيّة نفسها لأيّ احتمالات تتعلق بحصار جديد أو مقاطعة اقتصادية على إثر قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني.

أتساءل: أيّ درجة من السذاجة ينبغي أن تتملّك نخبنا حتى تصدّق مثل هذا الكذب الرسمي الصريح... ربّما أجّجته وطأة الكراهية الشديدة للغرب الذي غذّى فرقتنا ونال من وحدتنا ورابط لمؤازرة أعدائنا وقد تنبع ممّا يتملّك الغرب من حقد دفين وحسد جسيم وغيرة ليس لها نظير إزاء طفرة التقدّم الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي التي أذهلت العالم المتقدّم!!

في الحقيقة ليس لي ما أضيف سوى أنّني استحضرت مثلا شعبيّا تونسيّا بليغا عن عجوز تكاد تغمرها مياه الوادي المتلاطمة ومع ذلك تأخذ في الصراخ بما استجمعته من أنفاس أخيرة أنّ هذا العام سيعمّه الرفاه بعد حصاد صابة وافرة بفضل الأمطار الغزيرة، يقول المثل التونسي: "لَعْزُوزَه هَازِّزْها الوَادْ وهِيَّ تقولْ العَامْ صَابَهْ"!!

2009-03-11

- "أمير المؤمنين" يقطع علاقات بلاده مع إيران!!!

لو أطلق أحد المسؤولين الفرنسيين تصريحات مشابهة للتصريحات الإيرانيّة، هل كانت السلطات المغربيّة ستجرأ على قطع علاقاتها بفرنسا؟؟؟
أضحت
السياسة الخارجيّة للعديد من الدول العربيّة مثار استغراب شعوبها المستضعفة وسخرية العالم المتقدّم. فهي لا تستند إلى الحدّ الأدنى من الحكمة السياسة التي تعطي الأولويّة لما يمكن أن تجنيه من التقاء المصالح، وإنّما تبقى رهينة للطوارئ من أمزجة أصحاب الجلالة. وإذا لم تكن ردود الأفعال الفولكلوريّة للرئيس السوداني عمر البشير مفاجأة إزاء قرار الإيقاف الذي أصدرته ضدّه المحكمة الجنائية الدولية بما أنّه وقع في فخّ أفعاله بعد أن فوّت سنوات طويلة لإنقاذ شعبه من بؤس المجاعة والحرب والتهجير، فإنّ رصيد المغرب من النجاحات الدبلوماسيّة قد بدأ يتآكل. ففي ظرف وجيز قطع علاقاته بدولتين صديقتين هما فينيزويلا وإيران. وقد قرأت ما ورد في بعض المواقع والمدوّنات المغربية، فلاحظت استغراب الكثير من الإخوة المغاربة من تلك القرارات التي جاءت على عجل وضربت في العمق ما يمكن أن يُسمّى بدولة المؤسّسات، فالخارجيّة المغربيّة المسكينة ربّما تكون آخر من علم بتلك القرارات.
خلافٌ مبني على تصريحات استفزازيّة عديمة الفائدة أطلقها مسؤول إيراني واجهته البحرين بحزم وحكمة دبلوماسيين وانتهى بإعلان وزير الخارجية البحريني في طهران بالذات بأنّ الخلاف قد سُوّي بعد. فلماذا هذا التهافت المغربي على صنع الأزمة. الواضح أنّ إيران في حدّ ذاتها لم تكن مُدركة للحساسيّة المفرطة التي يمكن أن تتعامل بها المغرب في حالة تمّ الزجّ بملكها في دائرة الخلافات. فبعد استدعاء الخارجيّة المغربيّة للسفير الإيراني في الرباط لإبلاغه احتجاجا شديدا على التصريحات الإيرانيّة المهدّدة لسيادة البحرين، بادرت الخارجيّة الإيرانيّة بإبلاغ رئيس البعثة المغربيّة بطهران "استياء الجمهوريّة الإسلاميّة إزاء مواقف الملك المغربي".. وهنا بيت القصيد، أمّا ما تمّ ترويجه فجأة عن الأنشطة غير الوديّة التي تقوم بها البعثة الدبلوماسيّة الإيرانية في الرباط من محاولات لتشييع المغاربة ذوي المذهب المالكي السنّي فهي -حتى وإن كانت إلى حدّ ما صحيحة- فإنّها لا تعدو أن تكون سوى ذريعة لتغطية ضيق صدر الملك إزاء حشْرِه في تبادل للاتهامات، وخاصّة بوصفه -في المنظومة الاجتماعية السياسية المغربية آخر "أمير للمؤمنين" لا يزال على قيد الحياة.
وهكذا فإنّ المزاجيّة غير المحسوبة هي التي أدّت إلى قرار المغرب بقطع علاقاته بإيران. وجعلته -على حدّ تعبير أحد الكتاب المغاربة- يُحطّم كلّ الأرقام القياسيّة في قطع العلاقات السياسيّة، ولكن لنفترض مثلا أنّ مسؤولا فرنسيّا (لا إيرانيّا) هو الذي أصدر موقفا ينال من هيبة الملك المغربي، فهل كانت المغرب ستقطع علاقاتها مع فرنسا؟، الأكيد أنّها لن تجرأ على ذلك، ففرنسا تُعدّ أكبر الشركاء الاقتصاديين والسياسيين للمغرب.فالتعامل مع فرنسا ومثيلاتها لا تدخل فيه اعتبارات الكرامة والفحولة...
كنت أعتقد منذ سنوات أنّ المغرب يفوق بأشواط معظم الدول العربيّة الأخرى في قدرته على التسويق والاتصال السياسي في المنطقة، غير أنّ الخطوات العشوائيّة التي أضحت تتسم بها سياسته الخارجيّة تؤكّد أنّه لا يزال اليوم في طور بلدان لم تطأ أقدامها بعد عتبة الحداثة السياسيّة...

2009-03-02

- النفط وأكذوبة التضامن العربي..

مصائب قوم النفط عند بعض القوم فوائد،،،
بانشراحِ من لا حول ولا قوّة له قرأت منذ حين خبرا عن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية وفي بورصة نيويورك تحديدا.. فقد تراجع سعر برميل النفط الواحد بنسبة فاقت 10 بالمائة ليحوم حول 40 دولارا. لماذا هذا الانشراح المؤقّت؟ لأنّ أيّ ارتفاع في أسعار هذا السمّ لا الذهب الأسود سيزيد في معاناتنا في البلدان غير الغنيّة بالبترول على جميع الأصعدة لا من حيث الأسعار في محطات البنزين فحسب..
أمّا السبب المعلن لهذا التراجع فهو انخفاض الطلب رغم الإجراءات التي فرضتها منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبيك) للتقليص من العرض. وبطبيعة الحال فتلك الدول تبدو مثلي لا حول ولا قوّة لها أمام تراجع الطلب في أكبر البلاد المستهلكة للطاقة وهي الولايات المتحدة الأمريكيّة كما أنّها صغيرة متصاغرة أمام القوى المالية المتحكّمة بمضارباتها في أعتى الأسواق...
ويبدو أنّ قوّة الميديا قد أعطت لضعاف الحال أيضا قوّة تأثيرية فائقة في مصير تلك
المضاربات الدائمة، فقد ابتهجت أيضا لأنّ إحدى هذه الدول الثريّة بالبترول الفقيرة بمعاناة شعبها وهي نيجيريا قد خرجت عن الصفّ وأضحت تبيع أكثر من حصّتها وقد أثر ذلك في الأسواق العالمية إلى حدّ ما وضرب في الصميم مصالح كبرى الدول الأخرى المصدّرة للبترول مثل دول الخليج والعراق وإيران وفينيزويلا...
وأعود إلى خلفيّات هذه البهجة التي أعترف أنّها تغطّي نوعا من الشماتة أيضا لكنّها تتغذّى أساسا من المتاعب التي صاحبتنا ولا تزال بسبب الارتفاع المشط لأسعار الطاقة في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، وهي أنّ تلك الدول التي تلوك في كل حين شعارات التضامن العربي هي أبعد ما يكون عن هذا التضامن المعلن.. فقد حضرت يوما (منذ 3 سنوات تقريبا) لقاء صحفيّا لنائبين كويتيين وقد تجاوز سعر برميل النفط وقتئذ لأوّل مرّة 60 دولارا، فوجّه أحد الزملاء وهو عبد السلام الزبيدي الصحفي آنذاك بجريدة "الصريح" التونسيّة سؤالا إلى النائبين: لماذا لا تفعّلون شعاراتكم عن التضامن العربي ببيع النفط بأسعار تفاضليّة لسائر الدول العربيّة التي تضرّرت شعوبها كثيرا من جرّاء الارتفاع المشط في أسعار البترول؟ فكيف كانت الإجابة.. قال أحد النائبين: إنّ الأسعار السائدة في السوق هي أقل من القيمة الحقيقيّة التي لا ينبغي أن تقلّ عن مائة دولار لبرميل النفط الواحد كما أنّ النفط لا علاقة له بالتضامن، ونحن نقوم بدورنا بدعم التنمية في الدول العربيّة الشقيقة. قلت في نفسي (بحكم عملي آنذاك) بئسا للأخوّة التي تتحدّث عنها وبئسا لأرباب النفط المتبجحين بأكذوبة التضامن العربي التي أضحت إحدى مقوّمات قاموس الدعاية لدى تلك الأنظمة..
أمّا اليوم ففي النفس بهجة تدعوني إلى القول : فلتحيا نيجيريا بخرقها لحساباتكم ودفعها للمضاربات ولو لحين، فلتزد مصائبكم ما دمتم غير عابئين بالأضرار التي تلحقونها بشعوب كثيرة باسم الأخوّة في العروبة والإسلام...

2008-11-20

- ماذا بعد تعيين أوّل وزيرة للإعلام والثقافة في البحرين والخليج؟؟

مي آل خليفة.. ترسيخ الخيارات التنويريّة ومواجهة التيّارات الرجعيّة!!
تمّ أمس الأوّل تعيين مي آل خليفة وزيرة للثقافة والإعلام في البحرين. وتُعدّ المسؤولة البحرينيّة المذكورة أوّل إمرأة تُعيّن على رأس وزارة الإعلام في البحرين والمنطقة الخليجيّة بأسرها. وقد تضمّن القرار الملكي بتعيينها تعديل مسمّى الوزارة لتشمل الثقافة. وهذا في حدّ ذاته تطوّر نوعي لأنّ الثقافة في الدول الخليجيّة كانت دائما تقتصر على مجرّد إدارة أو قطاع تابع لوزارة الإعلام أو وزارة التربية، الشيء الذي لا يزال قائما إلى اليوم في معظم الدول الخليجيّة. وبغض النظر عن هذه الملاحظات التأريخيّة فإنّ تعيين مي آل خليفة يطرح أكثر من استفهام عن دور المرأة في صنع القرار في الخليج وعن دقّة المهام التي ستضطلع المسؤولة البحرينيّة الجديدة.
وتُعدّ وزارة الإعلام في البحرين كما في سائر الدول الخليجيّة أهمّ وزارة بعد وزارات السيادة ووزارة النفط وربّما تسبق أحيانا تلك الوزارات أهميّةً. وكما هو واضح فإنّ مي آل خليفة تنتمي إلى الأسرة الحاكمة ولذلك تُلقّب بـ"الشيخة" مثل أيّ بنت أو ولد ينتسب إلى الأسرة الحاكمة في الإمارات الخليجيّة، فهي في مقام الأميرة ممّا كان بلا شكّ أحد دوافع اختيارها لهذا المنصب الدقيق.
ومع ذلك تشهد مسيرة المسؤولة المذكورة باستحقاقها لهذا المنصب، وخاصة في ما يتعلّق بالثقافة فقد شغلت منصب الوكيل المساعد لقطاع الثقافة والتراث الوطني التابع لوزارة الإعلام، قبل أن تُعفى من منصبها ذاك بعد خلافات مع ثلاثة وزراء إعلام متعاقبين حول الصلاحيات الموكولة لها. كما كانت صاحبة المبادرة في إحداث عدد من المراكز والمؤسّسات الثقافية في البحرين. وقد عُرفت بالخصوص بالإشراف على مهرجان ربيع البحرين. وفيما نالت شهادات الاستحسان عربيّا ودوليّا على دورها في خدمة الثقافة في البحرين فإنّها تعرّضت لانتقادات التيّار الديني المتشدّد واتهامها بكونها تسمح بتمرير بعض المواقف ذات الايحاءات الإباحيّة في بعض الأعمال المسرحيّة والفنيّة التي تُعرض في المهرجان البحريني الشهير.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مي آل خليفة سبق ان اختارتها مجلة فوربس الأمريكيّة من ضمن أقوى 50 شخصية عربية رائدة، كما حصدت جوائز عديدة منها جائزة المرأة العربية المتميزة في مجال القيادة الإدارية من مركز دراسات المرأة في باريس، ولكنّ تلك الشهادات تبدو في اعتقادي بروتوكوليّة اعتبارا للمقاييس الاعتباطيّة التي يتمّ اعتمادها في تلك التصنيفات. ولذا فإنّ الأهمّ من تلك الشهادات الفخريّة ومن شهادة الماجستير الحاصلة عليها هو مدى قدرة مي آل خليفة على إنجاز مشروع تنويري يسهم في إخراج المجتمع البحريني من دائرة نفوذ القوى السلفيّة التي تكاد تُهيمن حاليّا على البرلمان.
مي آل خليفة هي ثالث إمرأة تحتل حقيبة وزاريّة في البحرين، ونأمل أن تلقى النجاح في إحداث بعض التغيير المنشود والخروج بالمجتمع البحريني من مجتمع ذكوري وقبلي وتتنازعه بعض الانتماءات الطائفيّة إلى مجتمع منفتح ومتجانس في تعدّديته وقبوله للاختلاف، لاسيّما أنّه يُعدّ دون أدنى مقارنة المجتمع الأكثر انفتاحا في دول الخليج..

2008-09-09

- بؤساء مصر ومستنقع المال والسياسة

القاهرة بين ظلام الكوارث البشريّة ونور الفانوس الصيني
Egypte : politique, misère et crime organisé..
Le mariage entre le pouvoir et la corruption ne peut enfanter que des catastrophes
في أقلّ من شهر تلاحقت المصائب على "أمّ الدنيا".. مصر التي نُحبّها أضحت عنوانا حزينا في كبرى صحف العالم للفساد السياسي وللبؤس الذي تعانيه الطبقات المسحوقة وللعنف وللانتهازيّة الشرسة التي يُمارسها جانب من ساستها ورجال أعمالها...
الوضع المؤسف لم يعد في حاجة للتعليق والتحليل وهاكم العناوين:
  • حريق في المبنى التاريخي للبرلمان ونقاط استفهام كثيرة عن المسؤولين عن الكارثة غير المبرّرة..
  • انهيار صخري في القاهرة يُخلّف عشرات القتلى والمدفونين تحت الأنقاض.. الأمر لا يتعلق بزلزال أو بكارثة طبيعيّة بل بتهاون رسمي في إنقاذ آلاف البشر من البؤس والفاقة..
  • تورّط أحد كبار رجال الأعمال في جريمة قتل منظمة لفنانة لبنانيّة.. المتهم معروف بولائه واستماتته في الدفاع على توريث حُكم مصر لنجل الرئيس حسني مبارك..
  • تزايد قضايا تكفير المفكّرين والإعلاميين ومنع بعض الفنانين العرب من النشاط في مصر بدعوى تجاوزات وإخلال في قواعد اللباس اللائق والأخلاق السمحة..

أمام كلّ ذلك ينشغل المواطن البسيط في البحث عن رغيف يفطر عليه في شهر رمضان الكريم، بينما يلهو أطفال مصر بفوانيسهم البرّاقة الجميلة علّها تـُنير سماء القاهرة الذي خيّم عليها ظلام الكوارث البشريّة، غير أنّ هذه الفوانيس بدت هذا العام مستنسخة وغير أصليّة فقد بادر رجال الأعمال الأخيار باستيرادها من الصين بالأطنان...

(مصدر الصورة: moheet.org)

- أطفال الفرات يشربون من المياه المتعفّنة..!!

العطش والكوليرا في بلد الفـُراتين

هذه صورة مُفجعة من بلاد الرافدين يتراءى فيها بعض أطفال العراق وهم يغرفون المياه الآسنة والمتعفنة. فقد ظهر في بلاد دجلة والفرات مؤخرا مرض الكوليرا والإسهال المائي الشديد وغيرها من الأمراض التي لا تـُصيب سوى البؤساء في البلدان المتخلّفة..
الخبر أعلنه رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة بابل مُعتبرا محافظة بابل مدينة منكوبة بعد وفاة ستة مصابين بالكوليرا والاشتباه بمئات الإصابات..
وباء لم يُصب العراق أبدا في عهد الحكم الشمولي لصدام حسين.. وباء مدمّر صنعه المتهافتون على ثروات العراق من الأمريكان وحلافائهم من حكّام الخليج والمشرق وعملائهم من ساسة العراق الحاليين...
دون لذة الحلم بعراق نظيف وجميل، أيّ مستقبل ينتظر هؤلاء الأطفال المسكونين بالعطش والأمراض والآلام...

(مصدر الصورة: irakoftomorrow.org)

2008-08-30

- ليبيا : الإفراج عن أكثر من 3 آلاف سجين بمناسبة ذكرى "الفاتح"

خطوة إيجابيّة.. تطرح أكثر من سؤال!*

احتفالا بالذكرى الـ39 لوصول الزعيم الليبي معمر القذافي إلى السلطة، تمّ في ليبيا إطلاق سراح 3079 سجينا. وجاء في بيان لوزارة العدل الليبية أمس الأوّل (الخميس 28/08/2008) أنّ "العفو شمل 2017 ليبيّا و1062 عربيّا وإفريقيّا وأوروبيّا". وقد خصّت هذه الخطوة مساجين حق عام أمضوا نصف عقوباتهم و"اعتبر سلوكهم جيّدا" خلال فترة وجودهم وراء القضبان حسب المصادر الليبيّة.
وفي كلّ الأحوال يُمكن اعتبار هذا الإجراء خطوة حقوقيّة إيجابيّة لأنّها أعادت إلى الحياة الاجتماعيّة أناسا ربّما فقدَ بعضهم الأمل في النجاة، لاسيّما أنّ هذا العدد الضخم من المساجين المسرّحين قد يكون من بينهم من لم تقترف يداه إثما حقيقيّا، فالخطأ القضائي وارد في أعتى الديمقراطيّات فما بالك إن تعلّق الأمر بالأجهزة الأمنيّة والقضائيّة في دولة عربيّة ذات نظام أمني.
ومع ذلك فإنّ هذا البعد الإيجابي في إجراء السلطات الليبيّة يطرح أكثر من سؤال سواء على مستوى الشكل أو المضمون. فليس من السهل إطلاق سراح ما يزيد عن ثلاثة آلاف سجين دفعة واحدة. ولذا يمكن أن نتساءل عن النسبة التي يمثلها هؤلاء المسرّحين من العدد الإجمالي للسجناء في ليبيا. وحتى نفهم أكثر فإنّ هذا العدد الضخم يُشكّل مثلا نحو ستين في المائة من مجمل عدد المساجين في تونس، في حين نعلم أنّ أيّ عفو عن سجناء الحق العام لا يمسّ عمليّا -في حالة التفاؤل- أكثر من 10 في المائة من عموم المساجين. ومن ثمّة هل يعني ذلك أنّ السجون الليبيّة تحوي عددا مروّعا من المساجين يزيد عن الستين ألف سجين... هذا يبقى مجرّد تخمين لأنّ حقيقة الأرض لا سبيل لإعلانها، ولا يعرفها إلاّ القائد معمر القذافي وأجهزته الأمنيّة المختصّة.
أمّا عن الألف سجين عربي وإفريقي وأوروبي، فلئن كنّا على يقين بوجود العشرات من السجناء العرب والأفارقة في الزنزانات الليبيّة مثلما يوضح هذا الرقم الذي كشفت عنه ليبيا نفسها، فإنّنا نتساءل مجرّد التساؤل عن مدى صحّة احتجاز سجون ليبيا لأوروبيين لم تـُثر بشأنهم أي هالة إعلاميّة ممّا تعوّدنا عليه من بروباغندا سارية المفعول في الإعلام الغربي كغيره.
وتفاديا للإطالة وددت الإشارة فقط إلى أنّ عدد هؤلاء السجناء المُسرحين في ليبيا قد يُعتبر ضئيلا بالمقارنة مع ما يحدث في العراق الذي تمّ فيه خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري إطلاق سراح 8 آلاف سجين. فالعراق الجريح أضحى بالفعل بمثابة سجن أمريكي كبير...
* احتراما لحقوق الملكيّة الفكريّة، أودّ الإشارة إلى أنّ عنوان هذه الورقة مقتبس من الزميل الصحفي التونسي سفيان بن حميدة.

(مصدر الصورة : www.ouest-france.fr)

- عودة سياسة الوصاية على "المستعمرات" السابقة

عندما تستبيح إيطاليا وفرنسا كرامة دبلوماسيي المغرب والجزائر..!!
- نعم للـعـدالــة... لا لإهـدار كرامة الدول وهيبتها وإذلالها واستباحة مجالات سيادتها..
لماذا تجرأت السلطات الإيطاليّة والفرنسيّة على ارتكاب هذه الممارسات المهينة مع الجزائر والمغرب وهل ستنحو على الشاكلة نفسها لو تعلّق الأمر بدبلوماسي ليبي أو تونسي ؟
حدثان مرّا مؤخرا دون أن يحدثا أي ضجيج على الرغم من أثاراه من إذلال وإهانة لهيبة الدولتين المغربيّة والجزائريّة. ويتعلق الحدث الأول بعضو مجلس المستشارين المغربي يحيى يحيى الذي أطلقت السلطات الإيطاليّة سراحه بعد اعتقاله لفترة تناهز ثلاثة أسابيع والحكم عليه بالسجن النافذ لمدة سنتين وستة أشهر بسبب شجار دار بينه وبين زوجته والشرطة الإيطاليّة. كما فرضت عليه الإقامة الجبرية وعدم مغادرة إيطاليا في انتظار استئناف الحكم المذكور بعد أربعة أشهر. ولم تأخذ السلطات الإيطالية إطلاقا بمسألة الحصانة التي يتمتع بها البرلماني المغربي وأجرت المحاكمة بشكل استعجالي على خلاف طبيعتها. ولم توفر له مترجم بما أنه لا يتحدّث الإيطالية. وللإمعان في إذلال البرلماني المغربي ومن ورائه الحكومة المغربيّة تجاهلت قواعد المحاكمة العادلة وألقت عرض الحائط اللوائح الاتفاقيات الدولية التي تقنن الدعاوى ضد الدبلوماسيين والمسؤولين السياسيين من ذوي الحصانة. أمّا الحدث الثاني فهو يخصّ اعتقال مدير البروتوكول بوزارة الخارجية الجزائريّة حسني زيان محمد من قبل شرطة الحدود بمطار مرسيليا يوم 14 من الشهر الجاري بموجب مذكرة توقيف صدرت بحقه العام الماضي ووجهت إليه تهمة التواطؤ في اغتيال المحامي والمعارض السياسي الجزائري علي مسيلي في باريس عام 1987. وقد أطلق سراح زيّان بعد يوم من توقيفه، لكنه -على شاكلة البرلماني المغربي في إيطاليا- يخضع للمراقبة القضائية ويمنع من مغادرة فرنسا. أما السلطات الجزائريّة فقد اعترفت بأن هذا الأمر مؤسف ويحمل إهانة كبيرة ثم وقفت مكتوفة الأيدي.
وهكذا، تجاوزت إيطاليا وفرنسا عن قصد الأعراف السياسيّة والدبلوماسيّة بين الدول وتصرّفتا وكأنهما مازالتا تتقاسمان الهيمنة الاستعماريّة على هذين البلدين. فتجاوزتا بذلك اتفاقية فيينا التي توفر حماية للدبلوماسيين، وأظهرتا أنّ تعاملهما مع من يتمتّع بالحصانة السياسية أو الدبلوماسية أو البرلمانيّة أو القضائيّة يمكن ألا يختلف عن تعاملهما مع أيّ مجرم حق عام. فهما لا يُباليان إطلاقا بإذلال "دول صديقة" والمسّ بهيبتها مادامت هذه الدول غير قادرة على الدفاع على نفسها..
طرحنا سؤالا عمّا إن كانت السلطات الإيطاليّة والفرنسيّة ستجرأ على ارتكاب مثل هذه الممارسات المهينة لو تعلّق الأمر بمستشار ليبي أو تونسي
- بالنسبة إلى الجزائر والمغرب :
الإجابة بنعم بالنسبة إلى هذين البلدين بما أنّها لم تفعل شيئا إزاء اعتقال دبلوماسييْها. فالجزائر كان ردّ فعلها على اعتقال أحد كبار دبلوماسييها ذليلا بقدر الذلّ الذي عومل به مدير البروتوكول في الخارجية الفرنسية من قبل شرطة الحدود الفرنسية حسب تصريح المسؤولين الجزائريين أنفسهم... فضلت السلطات الجزائرية ترك الأمر للقضاء بهدف "تفادي المهاترات". وللأسف لم تعد الجزائر الأبيّة، مع الرئيس بوتفليقة، تحافظ على أنفتها كما كانت تحرص دائما..
أمّا المملكة المغربيّة فقد اكتفت باستدعاء سفيرها في روما لا سفير إيطاليا في الرباط. كما قبلت مكوث مستشارها قرابة ثلاثة أسابيع رهن الاعتقال. والمسيء أيضا أنّ السلطات المغربيّة عوضا عن التحرّك بآليات مشابهة أو فتح ملفات إيطاليّة مماثلة، عوّلت -حسب ما جاء في وكالة أنبائها الرسميّة- على أفراد عائلة البرلماني المغربي المعتقل للتعبير عن "استغرابهم وشجبهم للطريقة التي اعتقل وحوكم بها من قبل القضاء الإيطالي"، وهذا يدخل في نطاق الرسائل المخصّصة للاستهلاك المحلّي لا لمعالجة قضيّة مسّت بهيبة الدولة المغربيّة. فقد تعاملت الأجهزة الإيطاليّة مع برلماني مغربي ذي حصانة بطريقة مهينة تتعامل بها عادة مع تجار المخدّرات والمهاجرين غير الشرعيين..
- أمّا بالنسبة إلى ليبيا :
فباعتقادنا أنّ عدّة عوامل ستجبر إيطاليا وفرنسا على التردّد كثيرا قبل أن تأتي حماقة كتلك. ومع هذا ينبغي أن نشير أولا إلى أنّ ليبيا من حيث المبدأ كانت قد سلّمت بنفسها اثنين من مواطنيها لمحاكمتهما بالخارج تحت ضغط دولي وخاصّة أمريكي. والواضح أنّ ليبيا كانت مضطرّة لعقد تلك الصفقة السياسيّة لأنّ استمراريّة النظام الليبي القائم والتوازنات العامة في الدولة كانت في حدّ ذاتها مرتبطة بشكل من الأشكال بحلّ ثلاث قضايا وهي، أوّلا: الاعتراف بمسؤوليّتها في قضيّة لوكربي وتقديم التعويضات المطلوبة، وثانيا: التخلّص من أسلحة الدمار الشامل والتخلّي عن برامج التسلّح الليبيّة المرتبطة بها، وثالثا: الكشف عن علاقاتها ببعض التنظيمات السياسيّة المسلّحة في الخارج.. وهذا ما أتاح لليبيا عودة الزخم الاقتصادي والاستثماري مُجدّدا.
ورغم كلّ تلك التنازلات يبقى التعامل مع ليبيا بالنسبة إلى دول مثل إيطاليا وفرنسا محفوفا بالمخاطر، فهي تخشى قبل كلّ شيء التضحية بمصالحها الاقتصاديّة الكبرى في ليبيا وخاصة في مجال الطاقة، لأنّها تـُدرك أنّ معمر القذافي لن يتردّد في كسر ظهرها اقتصاديّا والرمي في البحر بكلّ مصالحها في ليبيا إذا شعر مثلا بأنّه مستهدف شخصيّا من معاملة مهينة لأحد دبلوماسييه. ويمكن أن نستشهد في هذا الصدد بالعديد من الأمثلة، وآخرها الردّ العنيف والسريع الذي تمّت بمقتضاه مواجهة عميلة اعتقال ابن الزعيم الليبي هنيبال القذافي وزوجته من قبل السلطات السويسريّة أواسط جويلية/يوليو الماضي على خلفيّة اتهامهما بتعنيف خادميهما المغربي والتونسية. فقد اعتقلت السلطات الليبية مواطنين سويسريين يعملان في ليبيا بدعوى إقامتهما بطريقة غير شرعيّة وعطّلت الرحلات الجوية الرابطة بين البلدين وامتنعت عن إعطاء تأشيرات الدخول إلى أراضيها للسوسريين وأعلمت الشركات السويسريّة بطرابلس بقرار إغلاقها وبدات بإجراءات وقف تزويد سويسرا بالنفط وهي التي تبيعها قرابة 50 بالمائة من حاجياتها البتروليّة. وبغض النظر عن مشروعيّة هذه الإجراءات وخاصّة عدم مبالاة النظام الليبي بارتكاب نجل القذافي ممارسات لا إنسانيّة ومهينة إزاء مواطنين آخرين، فإنّ طرابلس القذافي قد تحرّكت بشكل حازم وحاسم من منطلق إدراكها لعدم اكتراث الدول الغربية مثل سويسرا وغيرها بالمسّ بهيبة بهيبتها واستغلال ذلك لابتزازها سياسيّا. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ سويسرا نفسها، هذه الدولة التي تدّعي الحياد، قد لمحت من خلال بعض القنوات الإعلامية الغربيّة إلى قدرتها على معاقبة ليبيا بتجميد أرصدتها في البنوك السويسريّة، وهذه قضيّة أخرى قد نتناولها في مقال لاحق...
- وبالنسبة إلى التعامل مع تونس :
فقد يكون التعامل معها بدوره مُختلفا لأسباب موضوعيّة. فعلى الرغم من محدوديّة الثروات الطبيعيّة في تونس، فإنّ لهاتين الدولتين مصالح اقتصاديّة هامة في البلاد. ولكن ربّما الأهمّ من ذلك أنهما تدركان مدى حساسيّة مسألة التدخل في الشؤون التونسيّة بالنسبة إلى الرئيس بن علي، فمسألة رفض تقديم الدروس من الأجنبي أضحت إحدى مميّزات الخطاب الرسمي التونسي إزاء الخارج.. ومن الأمثلة الدالّة على ذلك نذكر الصفعة السياسيّة التي وجّهها رئيس الدولة التونسي إلى الرئيس السويسري في تونس بالذات خلال احتضانها المرحلة الثانية من القمة العالميّة حول مجتمع المعلومات في نوفمبر 2005 لأنّه عمد بشكل استعلائي توجيه انتقادات لاذعة إلى السلطات التونسية في مجال حقوق الإنسان، وذلك في إطار الرفع من شأن سويسرا التي احتضنت المرحلة الأولى من القمّة على حساب تونس. كما يمكن أن نشير إلى أنّ تونس منذ بضعة أشهر كانت قد فرضت على القضاء الفرنسي ومن ورائه السلطات الفرنسيّة إيفاد قاض فرنسي إلى تونس للتباحث والتنسيق بشأن إحدى القضايا. وكذا الأمر بالنسبة إلى التحرّك المكثف لتونس إزاء اعتقال السلطات الإيطاليّة عدد من البحارة التونسيين بسبب إنقاذهم بعض المهاجرين غير الشرعيين من الموت المحقق قبالة المياه الإقليميّة الإيطاليّة، على الرغم من أنّها قضيّة حق عام لا تمسّ بهيبة الدولة التونسيّة بقدر ما تعكس لا إنسانيّة تلك الممارسات الإيطاليّة. ويُذكر أيضا أنّه منذ بضع سنوات استبقت السلطات التونسية إجراءً سويسريّا بمحاكمة وزير تونسي سابق، وذلك بالتعجيل بإعادته إلى تونس. فبغض النظر عن مضمون هذه القضايا فإنها تبقى مرتبطة على المستوى الرمزي بسيادة الدول وخاصّة بهيبتها ولذلك تفترض التنسيق بين أجهزتها بعيدا عن الوصاية المـُذلّلة...
المُعيب والمُقرف أنّ هذه الدول الاستعماريّة مازالت تفعل كلّ ما بوسعها للحفاظ على وصايتها المُعلنة أحيانا ولو باستحياء. وفي المقابل تمانع أشدّ الامتناع في الإقرار بالمآسي التي تسبّبت فيها إزاء الشعوب التي احتلّت بلادها راهنا أو سابق. ولنأخذ مثلا ملف حرب الجزائر. فعى الرغم من كلّ ما يُقال في مستوى وسائل الإعلام الفرنسية، يبقى هذا الملف على المستوى الرسمي الفرنسي من الخطوط الحمراء لا ينبغي المساس بها.. ففتح هذا الملف يعني إظهار الوجه القبيح لفرنسا، فباريس ليست فقط عنوانا للأنوار والحريّات وللروائع الأدبية والفن النبيل.. فإذا استذكرنا حرب الجزائر بدا لنا وجه آخر لباريس، وجه ملوّث بالدماء والفظاعات والتدمير والإبادة والعنصريّة الأخاذة. فلماذا لا تـُجرى محاكمة أي مسؤول فرنسي عن تلك الجرائم الفظيعة ولو رمزيّا، في حين تسعى خفاء وعلنا إلى إهانة الدول الصغرى، وتصبح صاغرة أمام القوى العظمى. ولنا في وزير الخارجية الفرنسي الحالي برنار كوشنار (صاحب نظرية حق التدخل السياسي والعسكري في الدول الأخرى لإرساء الديمقراطية) خير مثال على الانتهازيّة السياسيّة الفجّة.
وبعيدا عن عقليّة المؤامرة وما إلى ذلك، علينا نتساءل عمّا فعلته دول مثل فرنسا وإيطاليا وبلجيكا إزاء ما ارتكبته من جرائم فظيعة منظمة في مستعمراتها السابقة.. تلك ملفات لا ترغب هذه الدول في نبشها وليس من مصلحتها أن تفعل ذلك. ولهذا ليس لها أن تـُملي وصايتها على غيرها باسم القانون، إذ توجد صيغ أخرى يمكن أن يتمّ بمقتضاها حلّ القضايا التي تمسّ برمز الدولة دون الاضطرار إلى الممارسات المهينة المتبادلة. وهذا لا يعني التغاضي عن الانتهاكات والجرائم المقترفة، إذ يمكن التنسيق بين الأجهزة المختصّة في الدول المعنيّة بهدف إحلال العدالة دون تعمّد الإساءة والإهانة، لاسيّما أنّ حقائق التاريخ لا يمكن أن تبقى مطمورة في الملفات السريّة إلى ما لا نهاية..

2008-08-28

- أعوان برلسكوني يُفرجون عن البرلماني المغربي المعتقل

عندما تـُستباح كرامة دبلوماسي مغربي في إيطاليا..!!
هل تجرأ السلطات الإيطاليّة على ارتكاب هكذا حماقة لو تعلّق الأمر بمستشار جزائريّ أو ليبي؟؟؟
... ورقة نكتبها لاحقا في "إعلام بلا حدود"...

2008-08-26

- إعفاء ضريبي لـ13 منظمة أمريكيّة تساعد المستوطنين في الضفة الغربية

واشنطن.. راعي الاستيطان..!!
كشفت بعض المصادر الإعلاميّة مؤخرا أنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة قد منحت إعفاءات ضريبيّة لثلاثة عشرة منظمة أمريكيّة متخصّصة في جمع الأموال لمساعدة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربيّة المحتلّة. وهو ما يجعل موقف واشنطن المعلن بشأن معارضتها لتوسيع المستوطنات الإسرائيليّة في فلسطين المحتلّة مُفرغا من أيّ معنى.
وتـُبرّر هذه تلك المنظمات الأمريكيّة حصولها على إعفاءات ضريبيّة هامّة من حومة واشنطن بكون عملها في المستوطنات الإسرائيليّة هو عمل إنسانيّ وليس عملا سياسيّا. ولذلك فهي ترفض مقارنتها بالجمعيات الخيريّة الفلسطينيّة التي يُواجه العديد منها عقوبات أمريكيّة بسبب اتهامها بإقامة علاقات مشبوهة بتنظيمات مسلّحة مثل حركة حماس المصنّفة منظمة إرهابيّة بالمنظور الإسرائيلي والأمريكي.
وقد أوردت وكالة رويترز تصريحا للمتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك اعتبر فيه أنّ مثل هذه المسائل الضريبية والقانونية ليست من اختصاص وزارة الخارجية، غير أنّه أكّد في التصريح ذاته أنّ "السياسة الأميركية بشأن المستوطنات واضحة، إنها السياسة الصائبة، وهي أن تحاول المساعدة في التوصّل لتسوية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين". وهنا يبرز التناقض الجسيم في حديث هذا المسؤول الأمريكي عن وضوح سياسة واشنطن بشأن المستوطنات، فهي تـُعلن عكس ما تـُضمر بل وتـُضمّن خطابها السياسي المُوجّه للعرب أنظمة وشعوبا مواقف تتناقض مع ما تقوم به على الأرض من تشجيع عينيّ مباشر لمن يُساعد على تثبيت المستوطنات القائمة والتشجيع على إقامة أخرى. فتلك المستوطنات هي نفسها التي عارضت واشنطن إقامتها منذ سنوات عند الإعلان عن البدء في تشييدها، وهي اليوم تـُعنى بمساعدة مستوطنيها على العيش في أمان ورفاهيّة على حساب أصحاب الأرض الأصليين.
ومن الواضح أنّ اللوبي الصهيوني في أمريكا هو من يقف وراء دعم تلك التنظيمات التي يمكن أن نصفها هي في حدّ ذاتها بالتنظيمات الاستيطانيّة. ولا ريب أنّ ذاك اللوبي الصهيوني يعرف حق المعرفة من أين تـُؤكل الكتف في بلاد العمّ سام، فهو يُجيد لعبة الانتخابات في أمريكا، ويُتقن أساليب التأثير على قرار المؤسّسات الأمريكيّة الهامّة، ويُدرك أنّ الخطاب الرسمي الأمريكي بشأن معارضة توسيع المستوطنات هو للاستهلاك الإعلامي لا غير..
وبعيدا عن أيّ قول بنظريّة المؤامرة فإنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة التي اعترفت قبل ستين عاما باستقلال دولة إسرائيل ووحدة أراضيها وبعاصمتها القدس وذلك قبل انقضاء أربع وعشرين ساعة على إعلان قيامها، لا يُمكن أن يصدر عنها موقف بشأن الصراع العربي الإسرائيلي دون الاتفاق على تفاصيله مع إسرائيل... أمّا بقيّة ما يُصاغ ويُعلن لوسائل الإعلام وللساسة العرب فهو من الإكسسوارات الثانويّة أو اللازمة لملهاة السلام والحرب في المنطقة..!
(مصدر الصورة: موقع واب اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم www.pncecs.org)

2008-08-20

- حريق يأتي على ذاكرة مصر البرلمانية

كنوز البرلمان تذهب هباءً منثورًا..!!
مُحزن جدّا ما حلّ بالعاصمة المصريّة أمس، سحابة كثيفة من الدخان خيّمت على سماء القاهرة وألبستها ثوبا رماديّا... حريق هائل أتى على أجزاء هامّة من مبنى البرلمان المصري الكائن وسط القاهرة. التهمت ألسنة النيران ما لا يمكن تعويضه، عدد كبير من الوثائق القديمة والحديثة تؤرخ للحياة النيابية في مصر.. تفحّم مقتنيات أثرية ومكتبات نادرة كانت تـُعطي الحياة لمبنى مجلس الشورى المصري الذي يعود تشييده إلى بداية القرن الماضي...
لا أرغب في تكرار حديث عن تقصير خلايا الإنذار والفرق المتخصّصة في مواجهة الأزمات والكوارث وعن الإمكانيّات البدائيّة لقوات الإطفاء والدفاع المدني.. فتلك أشياء أضحت مألوفة في بلادنا العربية.. كما أنّ الحرائق يمكن أن تحدث بدرجات متفاوتة في أيّ مكان.. والحقيقة أنّ السلطات المصريّة لها تجربة رائدة في مجال الفشل في مكافحة الكوارث، بدءا بانهيار المباني الخاصّة والعامّة ومرورا بحوادث تصادم القطارات أو انقلابها وغرق العبّارات وراكبيها ووصولا إلى احتراق المنشآت العامّة وحتى احتراق أحد المسارح بمن فيه من بعض فنانين وجمهور... ما أودّ الإشارة إليه يستند إلى ما قرأت عنه في جريدة "الشرق الأوسط" اللندنيّة، فالحريق دمّر بالكامل ما يُسمّى بمبنى الري في البرلمان المصري الذي يضمّ أساسا مقر الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ومقر الكتلة النيابية لجماعة الإخوان المسلمين، وقد انطلق الحريق من هذا المكان بالذات قبل أن يمتدّ إلى مبنى مجلس الشورى المجاور له، ثمّ لحق ببعض الأجزاء من مجلس الشعب.
بَدَتْ لهذه المصادفةً دلالات غير خافية.. فأن يأتي الحريق أوّلا وبشكل كامل على هذين الجزأين من البرلمان المصري، وأن يقضي في هذا الحرم على مقرّي قوّتي الشدّ إلى الخلف في مصر "الحديثة".. وكأنّ النيران قد ضجرت بدورها من الكوارث والاستبداد والتعصّب الأعمى اللذين ما فتئا يفرضانها على الشعب المصري.. الأمر خال دون شكّ من أيّ نظرة عقلانيّة، لكن هذه الصدفة أبت إلاّ أن تـُذكّرنا بمأساة السياسة في مصر ومن ورائها بقيّة البلاد العربيّة...
المُؤسف كثيرا ليس احتراق هذين المقرّين الحزبيين فليذهبا إلى الجحيم في رأي المواطن المصري الذي يهتمّ اولا بما يسدّ رمقه.. تفحّم هذيم المقرّين ليس مؤسفا لأنّ السلطات المصريّة ستـُخصّص بفائق السرعة الأموال اللازمة لإعادة بنائهما ما دام الأمر يتعلّق ببعض قشور لا تمسّ مطالب كافرة مثل الحاجات العاجلة للشعب المصري التي يتمّ تأجيلها دائما إلى مدى غير محدّد...
الأسف كلّ الأسف على إتلاف جزء من التاريخ السياسي لمصر وذاكرة شعبها الطيّب الخلوق... وثائق تاريخيّة ومقتنيات أثريّة ومكتبات نادرة.. كلّها ذهبت هباءً منثورا في مياه النيل، عساها تكون نذرا لغد مصريّ جديد...
(مصدر الصورة: أشوسايد برس)

2008-08-07

انقلاب عسكري يغتال أحلام الموريتانيين

كش مات... وداعا للديمقراطيّة..
بقلم معـز زيّـود
بانقلاب عسكريّ جديد، انتهت التجربة الديمقراطيّة الوليدة في موريتانيا بعد أقل من 17 شهرا على أوّل انتخابات نزيهة منذ استقلال البلاد عام 1960. سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله لم يعمّر طويلا في منصبه بوصفه أول رئيس موريتاني منتخب ديمقراطيا، فقد أصبح اليوم في أدبيات الخطاب العسكري الموريتاني رئيسا سابقا، فيما حلّ مكانه رأس الانقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز.
ولم يكن هذا الحاكم الجديد لنواكشوط سوى قائد الأركان الخاصة للرئاسة وقائد الحرس الرئاسي، ممّا سهّل عليه عمليّة اعتقال الرئيس ولد الشيخ عبد الله وقلب نظام الحكم دون إزهاق أرواح حتى الآن، لكنّه أجهض تجربة ديمقراطيّة استثنائيّة (ستبقى كالحلم في أذهان أبناء الشعب الموريتاني). وحسبما يبدو من خلال الأخبار القليلة التي تناقلتها وكالات الأنباء الكبرى فإنّ شبه هدوء قد خيّم على الشارع الموريتاني باستثناء مظاهرة صغيرة لم يتجاوز عدد المشاركين فيها خمسين شخصا تمّ تشتيتها بإلقاء القنابل المسيلة للدموع، بالإضافة إلى غلق مطار نواكشوط وإحكام السيطرة على هيئة الإذاعة والتلفزيون وانتشار بعض الوحدات العسكرية في الواقع المحورية في العاصمة الموريتانية.
وتشهد موريتانيا منذ فترة أزمة سياسية انتهت باستقالة 48 نائبا من حزب "العهد الوطني للديمقراطية والتنمية" الحاكم إصدار الرئيس المخلوع قرارا بإقالة خمسة من كبار الضباط من بينهم قائد الانقلاب وقائد أركان الجيش. وفضلا عمّا سبق ذكره، فإنّ قراءة أوّلية لخلفيات هذا الانقلاب تتيح لنا تحديد الأسباب الأكثر احتمالا لما جرى في موريتانيا، وهي كالآتي:
1 - يتضح تورّط عدد من النواب مع قادة للجيش في التمهيد لما جرى في نواكشوط. وفي هذا الصدد فقد أعلن عدد من النواب الحلفاء المفترضين للرئيس المخلوع تأييدهم غير المشروط والصريح للانقلاب فور الإعلان عنه، ومن ثمّة مبايعة الحاكم الجديد. والأكثر من ذلك أنّ النائب المتحدّث باسم البرلمانيين المستقيلين قد أعلن لوسائل الإعلام صراحة أنّ الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله قد "دفع ثمن قراراته الخاطئة" في إشارة إلى قراره بإقالة عدد من كبار ضباط الجيش، وكأنّه ليس من صلاحيّات رئيس الدولة أن يفعل ذلك وهو القائد الأعلى للقوات المسلّحة وفقا للدستور.
2 - بعيدا عن نظريّات المؤامرة وما إليها، قد لا نستغرب أن تكون بعض أجهزة المخابرات الأجنبيّة، وعلى رأسها المخابرات الفرنسيّة وربّما كذلك الأمريكية، ضالعة أو على صلة من قريب أو بعيد بهذا الانقلاب. فقد تعاملت باريس طيلة أمس وبداية اليوم ببرودة غير معهودة مع انقلاب جدّ في إحدى مستعمراتها السابقة. واكتفت فرنسا بالإعلان بأنّ بلاده "معنيّة بالوضع في موريتانيا ومن المبكّر جدّا تقييم الوضع السياسي والعسكري هناك"، في حين أنّها أعلنت منذ أشهر حرصها على سلامة الرئيس التشادي أثناء تعرّضه لمحاولة انقلاب مسّلح وقدمت له دعمها اللوجستيكي لتجاوز ذلك الظرف.
3- إنّ للثروات الطبيعيّة التي تزخر بها موريتانيا وخاصّة المعادن والنفط المكتشف حديثا دور متزايد الأهميّة في تغذية الأطماع وصيانة المصالح التي تحدّد سياسة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكيّة وأوجه تحرّكهما إزاء ما حدث في موريتانيا. والجدير بالإشارة أنّ واشنطن لم تكن تنظر بعين الرضا إلى ما يحدث في موريتانيا، فقد وعد رئيسها باستفتاء الشعب في مسألة إعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل، وكذلك إصراره على نفي وجود إرهابيّين في موريتانيا مقابل تركيز قائد الانقلاب الأخير على معالجة هذا الملف وخاصّة بعد اغتيال سياح فرنسيين في الأراضي الموريتانية قبل أشهر. وهو ما يُعزّز من فرضية تنسيق الحاكم الجديد مع جهاز المخابرات الفرنسية منذ فترة أو على الأقل اطلاعها على مخطّطاته سعيا إلى كسب رضائها عندما حين تكون الفرصة سانحة سياسيّا وعسكريّا.
إنّ الأحداث المقبلة قد لا تكشف لنا بسرعة ما إذا كانت هاتان الدولتان أو إحداهما قد ضلعت في الانقلاب الأخير. وسنرى حتما خلال الفترة القريبة المقبلة كيف ستتصرّف فرنسا إزاء المنعطف الخطير في موريتانيا لاسيّما أنّ وزير خارجيّتها برنار كوشنار هو من نظّر لمبدإ "حق التدخل بالقوّة لإعادة فرض الديمقراطيّة" (Droit d'ingérence pour imposer de la démocratie) وكذلك الولايات المتحدة الأمريكيّة التي طبّقت هذا "المبدإ" في هايتي ثم العراق وسعت إلى إقناع العالم بذلك دون جدوى.
(مصدر الصور: وكالة الأنباء الفرنسية أ. ف. ب)
ملاحظة : سنخصّص مقالا آخر ذا صلة بهذا الموضوع للحديث عن "الديمقراطيّة في جمهوريّات الموز"

2008-08-06

السودان ومحنة النخب العربيّة

"الجزائر مع السودان ظالمة أو مظلومة" !!! هذا العنوان لست أنا من صاغه، فهو الشعار الذي اختارته "اللجنة الوطنيّة الجزائريّة للتضامن مع الشعب السوداني" على خلفيّة طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدوليّة بإصدار مذكّرة توقيف دوليّة في حق الرئيس السوداني الفريق عمر حسن البشير بتهمة ارتكاب إبادة جماعيّة وجرائم حرب بدارفور. وقد أعلن "فوزي أوصديق" الذي عُيّن سفيرا للمجتمع المدني الجزائري أنه سيحمل رسالة اللجنة التضامنيّة إلى الرئيس السوداني. والجدير بالإشارة أنّ فوزي أوصديق هذا متضلّع في مثل هذه الأنشطة "اللِجانوية"، فقد سبق له أن ترأس "اللجنة الدولية للدفاع عن سامي الحاج" مصوّر الجزيرة المفرج عنه من معتقل غوانتانامو الأمريكي منذ بضعة أشهر.
هذا يطرح بشدّة مسألة هذه اللجان الوطنية والعربية والدولية الكثيرة التي دأبت على البروز بين الفترة والأخرى أي كلّما جدّت مصيبة جديدة في البلاد العربية، لتنطفئ شعلتها بأسرع من البرق.وكما هو واضح لا تحمل هذه اللجنة من التضامن مع الشعب السوداني سوى الاسم، فالمعنيّ الحقيقيّ بهذا "التضامن" هو الفريق عمر البشير، بدعوى أنّه يرمز إلى سيادة السودان على أرضه وشعبه. والحقيقة أنّني لا أرى هنا أيّ رمز، فالسودان بلد مُقطّعة أوصاله شمالا وجنوبا وغربا، وشعبه العريق يرزح تحت ويلات الحروب الأهليّة والمجاعات والفيضانات وسائر الكوارث الطبيعيّة والبشريّة.
ولا يعني كلامي هذا، بلا ريب، مناصرتي لطلب المدّعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية لأنّني لا أشكّ لحظة في انّه جاء -بشكل أو آخر- تنفيذا لتعليمات الولايات المتحدة الأمريكيّة التي تشترط في الوقت نفسه عدم المساس بعسكرييها مهما كانت جسامة الانتهاكات اللاإنسانيّة التي يرتكبونها... فالإشكال يكمن في هذه العقلية الإنفصامية التي يتسم بها السواد الأعظم من "النخب" العربيّة عند معالجة قضايا شعوبها وما إليها من متطلّباتها التنموية والديمقراطية. أعود إلى الشعار الذي رفعه ممثلو المجتمع المدني الجزائري القائل بأنّ "الجزائر مع السودان ظالمة أو مظلومة"، يتضح أنّ هذا الشعار مستمدّ من الحديث النبوي القائل: "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما". فحتى من داخل المنظومة الفقهية تتراءى المغالطة المتلبسة بهذا الشعار، لأنه جاء منقوصا مبنى ومعنى ممّا يتمّمه، وهذه بقيّة الحديث "فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، أرأيت إن كان ظالما فكيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره" (رواه البخاري في صحيحه).
المعنى إذن قد لا يحتاج إلى مزيد من التوضيح والاجترار، ولكن قد أعود إلى الملف السوداني في مناسبة قادمة. يبقى أن أشير إلى حدث مأساوي تتصارع معه هذه الأيّام فئات كثيرة من الشعب السوداني، ولكنّ أجندة هذه اللجان وما شابهها من وسائل الإعلام لم تعره أيّ اهتمام وهي:
- كارثة 1: أدّى إنشاء سدّ مثير للجدل وما رافقه من سيول وفيضانات في مناطق واسعة شمال العاصمة الخرطوم إلى تشريد عشرات الآلاف من السكان ويُخشى -حسب تصريحات رمية- أن يتسبّب ارتفاع منسوب نهر النيل خلال الفترة المقبلة في غرق نحو ألف (1000) أسرة سودانية.
- كارثة 2: تسبّبت السيول والفيضانات في مدينة أويل جنوب السودان (ولاية شمال بحر الغزال) في تدمير آلاف المنازل وتشريد 160 ألف أسرة ونفوق 10 آلاف من المواشي، إلى درجة أن الوالي أعلن أن "الوضع خرج عن السيطرة"، رافعا بذلك الراية البيضاء...
يحدث كلّ هذا الألم والموت دون أن يحظى الشعب السوداني بحملة أو حتى لمحة لا من قبل تلك اللجان ولا من أنظمتها وكلاهما منتفخ، من الماء إلى الماء، بمواويل التضامن العربي المشروخ...