2008-08-30

- ليبيا : الإفراج عن أكثر من 3 آلاف سجين بمناسبة ذكرى "الفاتح"

خطوة إيجابيّة.. تطرح أكثر من سؤال!*

احتفالا بالذكرى الـ39 لوصول الزعيم الليبي معمر القذافي إلى السلطة، تمّ في ليبيا إطلاق سراح 3079 سجينا. وجاء في بيان لوزارة العدل الليبية أمس الأوّل (الخميس 28/08/2008) أنّ "العفو شمل 2017 ليبيّا و1062 عربيّا وإفريقيّا وأوروبيّا". وقد خصّت هذه الخطوة مساجين حق عام أمضوا نصف عقوباتهم و"اعتبر سلوكهم جيّدا" خلال فترة وجودهم وراء القضبان حسب المصادر الليبيّة.
وفي كلّ الأحوال يُمكن اعتبار هذا الإجراء خطوة حقوقيّة إيجابيّة لأنّها أعادت إلى الحياة الاجتماعيّة أناسا ربّما فقدَ بعضهم الأمل في النجاة، لاسيّما أنّ هذا العدد الضخم من المساجين المسرّحين قد يكون من بينهم من لم تقترف يداه إثما حقيقيّا، فالخطأ القضائي وارد في أعتى الديمقراطيّات فما بالك إن تعلّق الأمر بالأجهزة الأمنيّة والقضائيّة في دولة عربيّة ذات نظام أمني.
ومع ذلك فإنّ هذا البعد الإيجابي في إجراء السلطات الليبيّة يطرح أكثر من سؤال سواء على مستوى الشكل أو المضمون. فليس من السهل إطلاق سراح ما يزيد عن ثلاثة آلاف سجين دفعة واحدة. ولذا يمكن أن نتساءل عن النسبة التي يمثلها هؤلاء المسرّحين من العدد الإجمالي للسجناء في ليبيا. وحتى نفهم أكثر فإنّ هذا العدد الضخم يُشكّل مثلا نحو ستين في المائة من مجمل عدد المساجين في تونس، في حين نعلم أنّ أيّ عفو عن سجناء الحق العام لا يمسّ عمليّا -في حالة التفاؤل- أكثر من 10 في المائة من عموم المساجين. ومن ثمّة هل يعني ذلك أنّ السجون الليبيّة تحوي عددا مروّعا من المساجين يزيد عن الستين ألف سجين... هذا يبقى مجرّد تخمين لأنّ حقيقة الأرض لا سبيل لإعلانها، ولا يعرفها إلاّ القائد معمر القذافي وأجهزته الأمنيّة المختصّة.
أمّا عن الألف سجين عربي وإفريقي وأوروبي، فلئن كنّا على يقين بوجود العشرات من السجناء العرب والأفارقة في الزنزانات الليبيّة مثلما يوضح هذا الرقم الذي كشفت عنه ليبيا نفسها، فإنّنا نتساءل مجرّد التساؤل عن مدى صحّة احتجاز سجون ليبيا لأوروبيين لم تـُثر بشأنهم أي هالة إعلاميّة ممّا تعوّدنا عليه من بروباغندا سارية المفعول في الإعلام الغربي كغيره.
وتفاديا للإطالة وددت الإشارة فقط إلى أنّ عدد هؤلاء السجناء المُسرحين في ليبيا قد يُعتبر ضئيلا بالمقارنة مع ما يحدث في العراق الذي تمّ فيه خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري إطلاق سراح 8 آلاف سجين. فالعراق الجريح أضحى بالفعل بمثابة سجن أمريكي كبير...
* احتراما لحقوق الملكيّة الفكريّة، أودّ الإشارة إلى أنّ عنوان هذه الورقة مقتبس من الزميل الصحفي التونسي سفيان بن حميدة.

(مصدر الصورة : www.ouest-france.fr)

ليست هناك تعليقات: