2008-08-31

- الاختلاف رحمة..!!

من أغسطس إلى أوت مرورا بأغشت.. يحيا الفاتح
لا أعرف مجالا واحدا لم يختلف حوله العرب، باستثناء مجال يتيم يتفقون حول مسائله في معظم الأحوال وهو-كما يُذكر دائما- مجال الأمن المشترك الذي جعلوا له منظمة عتيدة هي "مجلس وزراء الداخليّة العرب". وهي بشهادة الجميع الهيكل العربي الوحيد الذي لم يُلغ اجتماعا أو حتى يُؤجله.
العرب اختلفوا في كلّ شيء وحتى في أبسط الأمور، ومن بينها تحديد اليوم الأوّل من رمضان ومن بعده تحديد يوم العيد.. ولكن الأبسط من ذلك أنهم اختلفوا حتى في تسميات الأشهر. اليوم آخر يوم في الشهر الثامن من السنة الميلاديّة، نُسميه في تونس والجزائر "أوت". أما في المشرق ودول الخليج العربي فيُسمّى هذا الشهر "أغسطس"، في حين ينفرد الإخوة في المغرب بتسميته "أغشت"..
وغدا يبدأ أوّل يوم في الشهر التاسع من السنة الميلاديّة، فبدوره يُعاني شهر "سبتمبر" هنا وهناك من تعدّد التسميات لدى العرب. ففي ليبيا مثلا يُسمّى "الفاتح" تيمّنا بالثورة المباركة التي أوصلت القائد معمّر القذافي إلى الحكم منذ 39 عاما. وتأكيدا على هذا التأصّل والنبوغ تفنّنت ليبيا في اختيار أسماء خصوصيّة لكلّ أشهر السنة تنفرد باستعمالها على صعيد العالم، ومن بينها إلى جانب "الفاتح" نذكر مثلا: شهر ناصر والميّة والسقع والنوّار وهنيبال على ما أذكر. وقد سألت ذات يوم صديقا جامعيّا من ليبيا عن أسماء مختلف الأشهر بـ"التقويم الليبي" فاعتذر عن عدم حفظه كلّها حسب بالترتيب. والأكيد أنّ كلّ تلك الأسماء ستذهب يوما أدراج الرياح حين يذهب القائد مثلنا جميعا إلى العوالم الأخرى.
فلنمرح بهذا التنوّع الخلاق كما يقول الأوروبيّون..!!!

- كاريكاتير اليوم : تخلّف الرؤية ورؤية التخلّف!!!

رمـضــان مبــارك وكـلّ عـام وأنتـم بخيـر

ككلّ عام يتجلّى البؤس العربي المقيت في تحديد أوّل أيام شهر رمضان، فهذه الدولة تعتمد الرؤية والتحرّي لرصد الهلال وتلك تعتمد القواعد والحسابات الفلكيّة، وأخرى تزعم بأنّها تعتمد الحسابات العلمية في حين أنّها أبعد ما يكون على ذلك.. وهذه بعض الدلائل على قمّة التخلّف الذي تـُعانيه هذه البلاد جمعاء:

- في ليبيا : أعلن "مركز الدراسات الفلكيّة" منذ الأمس أنّ اليوم الأحد هو أوّل أيّام شهر رمضان، وذلك على أساس الحسابات الفلكيّة، في حين أنّ الحسابات الفلكيّة براء من هذا الزعم لأنّ اليوم الأوّل من رمضان حسب ما هو محدّد حسابيّا هو يوم الإثنين.

- في معظم دول الخليج ودول المشرق العربي عموما تمّ الاتفاق هذه السنة بفعل الصدفة والسياسة على أنّ يوم الإثنين هو أوّل أيام رمضان، فقد عملت أجهزتها الرؤيويّة مساء أمس السبت. وبطبيعة الحال فإنّ تلك الأجهزة لا علاقة لها بشأن العلوم والحسابات الفلكية وأيّ حسابات أصلا باستثناء الحسابات الضيّقة للربح والخسارة!!

- في تونس والجزائر: لم نسمع بعد أي توقّعات، لأنّ الرؤيا تجرى مساء اليوم الأحد، ولذلك بالإمكان نظريّا أن يتمّ إرجاء اليوم الأوّل من رمضان إلى الثلاثاء. وتونس تحديدا نابهة نابغة في الوسطيّة، فهي تعتمد الحسابات (المحدّدة بكلّ دقة منذ الأزل) لتحديد اليوم الأوّل لا لرمضان وإنّما لإجراء الرؤية.

في المغرب : لم يتمّ بعد -حسب علمنا- تحديد مصير اليوم الأول من رمضان، ولكن وفق ما تعوّدنا عليه فإن بداية شهر رمضان يمكن أن تتأخر إلى يوم الإثنين تماما كما حدث في المغرب في السابق بالنسبة إلى العيد الذي تأخر ثلاثة أيام عن الدول العربية الأخرى. الشعب المغربي ليس عليه أيّ حرج دون شكّ، فالمسؤولية ملقاة على عاتق "أمير المؤمنين"...

- في لبنان كما في العراق : يختلف اليوم الأوّل لشهر رمضان باختلاف الطوائف، فمن العلامات الفارقة مثلا أنّه -على خلاف الدولة اللبنانيّة التي تتبع ما تـُقرّه السعودية لزوما- يُعلن المرجع الديني الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله سنويا بشكل مسبق اليوم الأوّل لشهر رمضان بالنسبة إلى المسلمين في مختلف أنحاء العالم وذلك استنادا فقط إلى الحسابات العلمية الفلكيّة.. إنها نقطة ضوء وإنصاف للعلم في هذه البلاد..

أمرها غريب هذه البلاد، دأبُها المكابرة السخيفة والتشبّث بأبجديّات التخلّف.. هذا عموما بعض مضمون أثاره فِيّ كاريكاتير عماد حجاج..

على كلّ، رمضانكم كريم، أعاده الله عليكم باليُمن وموفور الصحّة والبركة...

(مصدر الكاريكاتير : عماد حجاج، صحيفة "القدس العربي" في عددها الصادر اليوم الأحد، نقلا عن موقع www.mahjoob.com)

- قـراءة جريدة "الصباح" للتعديــل الـوزاري الجزئي في تونس

لغة خشبيّة في حاجة للتعديل

نشرت جريدة "الصباح" التونسية اليوميّة في عددها الصادر اليوم قراءة للتعديل الوزاري الجزئي الذي أقرّه الرئيس بن علي أمس الأوّل يحمل عنوان "ملامح التحوير الوزاري الأخير : التشبيب... والنجاعة" لصاحبه مصطفى المشاط. وبعد قراءة هذه المقال إلى نهايته لم يجل بخاطري سوى السؤال التالي: لماذا هذا التساهل في إتاحة المجال للبعض لتحبير ورقات لا تستجيب للحدّ الأدنى لقواعد الكتابة الصحفيّة؟
طرح هذا التساؤل جاء بالنظر إلى ما اتسم به المقال المذكور من أسلوب ينهل من معين الكتابة الخشبيّة المنقطعة عن الحياد والموضوعيّة في حدودهما الدنيا. فبعد ديباجة مستطولة عن النجاعة ورفع التحدّيات وكسب الرهانات وتحقيق الإنجازات، وهي ألفاظ سآخذ على نفسي اجتناب استعمالها مستقبلا لما شابها من استعمالات مبتذلة... بعد ذلك انطلق صاحب المقال في الإشادة والإطراء والمدح لكلّ الوزراء الذين تمّ تعيينهم، فلم ينس أيّا منهم، وشهد بخبراتهم الواسعة وكأنه خبرهم أكثر من رئيس الدولة الذي قرّر تعيينهم، وربّما أراد أن يوحي بأنّه كان وراء اقتراح تعيينهم، فهو أعلم الخلق بشؤون الوزراء!!
ويمكن أن ننظر إلى الأوصاف التي أطلقها على كلّ هؤلاء المسؤولين الجدد حتى ندرك القدرة الهائلة لمحرّر المقال على الإبداع في مجال المدائح التي لم يبرّرها بأيّ وقائع أو أمثلة ملموسة مثلما تقتضي قواعد الكتابة الصحفية الموضوعية. وفيما يلي نماذج للمدائح والوصاف التي وشّح بها صدور الوزراء الدجج.
- مسؤول "مشهود له بقدرته على مسك الملفات"
- مسؤول "يتمتع بتجربة ثرية... هامة ومتنوعة"
- مسؤول "معروف باطلاعه الواسع، قادر على مواصلة تحقيق الإنجازات الهامة"
- مسؤول على "قطاع يعرفه بكل دقة ومطلع عليه بحكم مسيرته الثرية"
- مسؤول "اكتسب خبرة هامة في العديد من المجالات"
- مسؤول "له من الخبرة والتمرّس ما يجعله قادرا على إيجاد صيغ عملية جديدة ومتطورة"
- مسؤول "يجمع بين الجانب الجامعي الأكاديمي والبعد التطبيقي في مجال له فيه دراية واسعة"
ومع احترامنا لكلّ الوزراء الذين تمّ تعيينهم ولمدى الكفاءة التي يتسمون بها، فإنّ أسلوب محرّر المقال اكتسى ركاكة مبالغ فيها، ظاهرها الإطراء بمناقب هؤلاء المسؤولين الجدد وباطنها استخفاف بالقارئ عوضا عن الالتزام بالدقة والعمق في ذكر المعطيات دون الاكتفاء بانطباعات عامّة لا تسمن ولا تغني من جوع وعدم إطلاق الأحكام والتقييمات، إيجابيّة كانت أو سلبية، إلاّ بإسنادها إلى القرائن والأمثلة.
ولنأخذ مثلا ما قول كاتب المقال بشأن سمير العبيدي وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية الجديد، فهو يقول: "وكذلك الشأن بالنسبة للسيد سمير العبيدي الذي يتمتع بتجربة ثرية... هامة ومتنوّعة ستمكنه بالتأكيد من مواصلة إنجازات هامة على الصعيد الرياضي كان أبرزها حصول تونس لأول مرة على كأس إفريقيا للأمم... ثم مؤخرا.. وبعد 40 سنة على ميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية بيكين 2008". إذن بدأ صاحب المقال بتعميم مدحه للسابق على اللاحق (وكذلك الشأن) ثمّ غيّب ما يفترض ذكره عن مسيرة سمير العبيدي بدءا بقيادة الاتحاد العام لطلبة تونس ومرورا بعضويّة المجلس الاقتصادي والاجتماعي بما يؤهله -من وجهة نظر معيّنة- لمسك ملف الشباب في "سنة الحوار مع الشباب" وخاصّة ما بعدها، لاسيّما أنّه لا ملفات كبرى لتونس خلال المرحلة القادمة في جنيف بعد تقديم تقريرها حول حقوق الإنسان.. ولكنّ صاحب المقال رأى شيئا مناقضا كليّا وهو "مواصلة إنجازات هامّة على الصعيد الرياضي" مثل الحصول على كأس إفريقيا وعلى ميدالية ذهبية في أولمبياد بيكين. وهذا مجانب للحقيقة تماما، لأنّ الإنجازات المتحدّث عنها تـُعدّ انتكاسات بالنسبة إلى الوزير المعزول الذي حلّ العبيدي مكانه، إذ بعد الحصول على كأس إفريقيا منذ أمد خيّب الفريق الوطني لكرة القدم آمال التونسيين في دورتين متتاليتين، أمّا بالنسبة إلى الإنجاز الباهر في بيكين فقد حققه شخص عانى الويلات وقلّة الدعم من مسؤولي الرياضة في تونس قبل وأثناء الأولمبياد الأخير، ورئيس الدولة نفسه كان قد لمّح إلى ذلك عند استقباله مؤخرا لأسامة الملولي وتأكيد "حرصه على توفير كل الظروف الملائمة لاستعداده الجيد للمواعيد الدوليّة المقبلة". وبالإضافة إلى أخطاء أخرى تتعلق ببعض الجامعات الرياضية والمشكلة التي جدّت بين الوزير السابق واللاعب التاريخي طارق ذياب، كانت كّلها مبرّرات يمكن طرحها بشأن دواعي عزل الوزير الكعبي. ولا يبدو في ذلك أيّ حرج. فلماذا إذن هذا التساهل الساذج في الحديث عن مواصلة الإنجازات الهامّة وما إلى ذلك من الأساليب البليدة الخالية من أيّ إضافة للقارئ والمستبلهة له.
ومع هذا فإنّ صاحب المقال قد أبان في بعض الأسطر ممّا كتبه أنّه يدرك التوجهات العامّة لسياسة الحكومة وأهميّة الملفات المطروحة بالنسبة إلى عدد من الوزراء الجدد، ولكنّ يبدو أنّ عاملين أساسيين جعلاه يحيد عن ذلك التوجّه وهما، أوّلا: الرقابة الذاتيّة المفرطة وثانيا وأساسا: رغبته الجامحة على ما يبدو في التقرّب من هؤلاء الوزراء بمجرّد تعيينهم لغايات لا يمكن أن نراها سوى شخصيّة، بما يتناقض مع أخلاقيات المهنة الصحفيّة كليّا.
وهنا نجدّد تساؤلنا عن سبب إتاحة جريدة "الصباح" المجال لهذا المحرّر -الذي لا نعرفه شخصيّا- لإعداد قراءة بأسلوب متخشب وبعيد كلّ البعد عن الحياد المطلوب. فهذه الجريدة تزخر دون شكّ بصحفيين أكفاء ولهم القدرة على تحرير مقالات تكتسي الموضوعيّة في حدود ما يمكن نشره... عموما لا توجد في رأيي إجابة واضحة، وبما أنّه لا يوجد مجلس تحرير فعلي ومنتظم على غرار جميع الدوريات التونسية الأخرى، فالوارد أنّ مُحرّر المقال المذكور هو من اقترح بنفسه إعداد تلك "القراءة" الشخصيّة أو أنّ غياب الصحفيين ذوي الخبرة والكفاءة قد دفع رئيس التحرير إلى طلب مقال عن التعديل الوزاري من المحرّر المذكور. ومع ذلك أعتقد أنّ المسؤوليّة ملقاة أيضا على عاتق بعض الصحفيين الأكفاء الذين ربّما لم يبادروا في هذه المناسبة بالاضطلاع بدورهم في كتابة مقال معتدل يحترم قواعد الكتابة الصحفيّة ويخلو من أساليب مبتذلة أكل عليها الدهر وشرب ومن شأنها أن تسيء إلى حدّ مّا للصحيفة ومن يعمل فيها.
جريدة "الصباح" لها تاريخ عريق، معروفة باعتدالها ومحافظتها على الحدّ الأدنى من الموضوعيّة في زمن شديد الصعوبة، ولذلك نحترمها ولا نزال رغم هذه الانزلاقات التي نفضل اعتبارها فرديّة... لذلك سأشتري غدا جريدة "الصباح" علّني أجد فيها إلى جانب المعلومة مقالا موضوعيّا يصعب إيجاده في صحف يوميّة أخرى...

2008-08-30

- ليبيا : الإفراج عن أكثر من 3 آلاف سجين بمناسبة ذكرى "الفاتح"

خطوة إيجابيّة.. تطرح أكثر من سؤال!*

احتفالا بالذكرى الـ39 لوصول الزعيم الليبي معمر القذافي إلى السلطة، تمّ في ليبيا إطلاق سراح 3079 سجينا. وجاء في بيان لوزارة العدل الليبية أمس الأوّل (الخميس 28/08/2008) أنّ "العفو شمل 2017 ليبيّا و1062 عربيّا وإفريقيّا وأوروبيّا". وقد خصّت هذه الخطوة مساجين حق عام أمضوا نصف عقوباتهم و"اعتبر سلوكهم جيّدا" خلال فترة وجودهم وراء القضبان حسب المصادر الليبيّة.
وفي كلّ الأحوال يُمكن اعتبار هذا الإجراء خطوة حقوقيّة إيجابيّة لأنّها أعادت إلى الحياة الاجتماعيّة أناسا ربّما فقدَ بعضهم الأمل في النجاة، لاسيّما أنّ هذا العدد الضخم من المساجين المسرّحين قد يكون من بينهم من لم تقترف يداه إثما حقيقيّا، فالخطأ القضائي وارد في أعتى الديمقراطيّات فما بالك إن تعلّق الأمر بالأجهزة الأمنيّة والقضائيّة في دولة عربيّة ذات نظام أمني.
ومع ذلك فإنّ هذا البعد الإيجابي في إجراء السلطات الليبيّة يطرح أكثر من سؤال سواء على مستوى الشكل أو المضمون. فليس من السهل إطلاق سراح ما يزيد عن ثلاثة آلاف سجين دفعة واحدة. ولذا يمكن أن نتساءل عن النسبة التي يمثلها هؤلاء المسرّحين من العدد الإجمالي للسجناء في ليبيا. وحتى نفهم أكثر فإنّ هذا العدد الضخم يُشكّل مثلا نحو ستين في المائة من مجمل عدد المساجين في تونس، في حين نعلم أنّ أيّ عفو عن سجناء الحق العام لا يمسّ عمليّا -في حالة التفاؤل- أكثر من 10 في المائة من عموم المساجين. ومن ثمّة هل يعني ذلك أنّ السجون الليبيّة تحوي عددا مروّعا من المساجين يزيد عن الستين ألف سجين... هذا يبقى مجرّد تخمين لأنّ حقيقة الأرض لا سبيل لإعلانها، ولا يعرفها إلاّ القائد معمر القذافي وأجهزته الأمنيّة المختصّة.
أمّا عن الألف سجين عربي وإفريقي وأوروبي، فلئن كنّا على يقين بوجود العشرات من السجناء العرب والأفارقة في الزنزانات الليبيّة مثلما يوضح هذا الرقم الذي كشفت عنه ليبيا نفسها، فإنّنا نتساءل مجرّد التساؤل عن مدى صحّة احتجاز سجون ليبيا لأوروبيين لم تـُثر بشأنهم أي هالة إعلاميّة ممّا تعوّدنا عليه من بروباغندا سارية المفعول في الإعلام الغربي كغيره.
وتفاديا للإطالة وددت الإشارة فقط إلى أنّ عدد هؤلاء السجناء المُسرحين في ليبيا قد يُعتبر ضئيلا بالمقارنة مع ما يحدث في العراق الذي تمّ فيه خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري إطلاق سراح 8 آلاف سجين. فالعراق الجريح أضحى بالفعل بمثابة سجن أمريكي كبير...
* احتراما لحقوق الملكيّة الفكريّة، أودّ الإشارة إلى أنّ عنوان هذه الورقة مقتبس من الزميل الصحفي التونسي سفيان بن حميدة.

(مصدر الصورة : www.ouest-france.fr)

- تعديل جزئي منتظر على الحكومة التونسية..

عزل ستّة وزراء في تعديل وزاري لم يمسّ وزارات السيادة
ذكرت وكالة الأنباء التونسية أنّ الرئيس زين العابدين بن علي قد أجرى تعديلا جزئيا على الحكومة عيّن بمقتضاه السادة:
- حاتم بن سالم وزيرا للتربية والتكوين.
- رؤوف الباسطي وزيرا للثقافة والمحافظة على التراث.
- سليم التلاتلي وزيرا للتشغيل والإدماج المهني للشباب.
- سمير العبيدى وزيرا للشباب والرياضة والتربية البدنية.
- عبد السلام منصور وزيرا للفلاحة والموارد المائية.
- صلاح الدين مالوش وزيرا للتجهيز والإسكان والتهيئة الترابية.
- شكري المامغلي كاتب دولة لدى وزير التجارة والصناعات التقليدية مكلفا بالتجارة الخارجية.
- بشير الوزير كاتب دولة لدى وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية مكلفا بالرياضة.
وجاء في خبر "وكالة تونس إفريقيا للأنباء" الرسمية أنّ الوزراء الذين غادروا الحكومة سيدعون إلى مهام أخرى.
وبذلك فإنّه تمّ إعفاء ستّة وزراء من مهامهم دفعة واحدة. ورغم أهميّة هذا التعديل الذي جاء بعد أقلّ من شهر على انعقاد مؤتمر الحزب الحاكم فإنه لم يشمل وزارات السيادة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الوزير السابق للثقافة والمحافظة على التراث محمد العزيز ابن عاشور كان من المنتظر تنحيته بما أنّ الحكومة التونسيّة قد رشحته ليشغل منصب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو ومقرها بتونس) خلفا لمنجي بوسنينة الذي انتهت مهامه.
سننشر لاحقا قراءة أوسع لهذا التعديل الوزاري وخاصّة خلفيّات عزل عدد من الوزراء، ودلالات تعيين وزراء آخرين مكانهم في هذه المرحلة بالذات..

- عودة سياسة الوصاية على "المستعمرات" السابقة

عندما تستبيح إيطاليا وفرنسا كرامة دبلوماسيي المغرب والجزائر..!!
- نعم للـعـدالــة... لا لإهـدار كرامة الدول وهيبتها وإذلالها واستباحة مجالات سيادتها..
لماذا تجرأت السلطات الإيطاليّة والفرنسيّة على ارتكاب هذه الممارسات المهينة مع الجزائر والمغرب وهل ستنحو على الشاكلة نفسها لو تعلّق الأمر بدبلوماسي ليبي أو تونسي ؟
حدثان مرّا مؤخرا دون أن يحدثا أي ضجيج على الرغم من أثاراه من إذلال وإهانة لهيبة الدولتين المغربيّة والجزائريّة. ويتعلق الحدث الأول بعضو مجلس المستشارين المغربي يحيى يحيى الذي أطلقت السلطات الإيطاليّة سراحه بعد اعتقاله لفترة تناهز ثلاثة أسابيع والحكم عليه بالسجن النافذ لمدة سنتين وستة أشهر بسبب شجار دار بينه وبين زوجته والشرطة الإيطاليّة. كما فرضت عليه الإقامة الجبرية وعدم مغادرة إيطاليا في انتظار استئناف الحكم المذكور بعد أربعة أشهر. ولم تأخذ السلطات الإيطالية إطلاقا بمسألة الحصانة التي يتمتع بها البرلماني المغربي وأجرت المحاكمة بشكل استعجالي على خلاف طبيعتها. ولم توفر له مترجم بما أنه لا يتحدّث الإيطالية. وللإمعان في إذلال البرلماني المغربي ومن ورائه الحكومة المغربيّة تجاهلت قواعد المحاكمة العادلة وألقت عرض الحائط اللوائح الاتفاقيات الدولية التي تقنن الدعاوى ضد الدبلوماسيين والمسؤولين السياسيين من ذوي الحصانة. أمّا الحدث الثاني فهو يخصّ اعتقال مدير البروتوكول بوزارة الخارجية الجزائريّة حسني زيان محمد من قبل شرطة الحدود بمطار مرسيليا يوم 14 من الشهر الجاري بموجب مذكرة توقيف صدرت بحقه العام الماضي ووجهت إليه تهمة التواطؤ في اغتيال المحامي والمعارض السياسي الجزائري علي مسيلي في باريس عام 1987. وقد أطلق سراح زيّان بعد يوم من توقيفه، لكنه -على شاكلة البرلماني المغربي في إيطاليا- يخضع للمراقبة القضائية ويمنع من مغادرة فرنسا. أما السلطات الجزائريّة فقد اعترفت بأن هذا الأمر مؤسف ويحمل إهانة كبيرة ثم وقفت مكتوفة الأيدي.
وهكذا، تجاوزت إيطاليا وفرنسا عن قصد الأعراف السياسيّة والدبلوماسيّة بين الدول وتصرّفتا وكأنهما مازالتا تتقاسمان الهيمنة الاستعماريّة على هذين البلدين. فتجاوزتا بذلك اتفاقية فيينا التي توفر حماية للدبلوماسيين، وأظهرتا أنّ تعاملهما مع من يتمتّع بالحصانة السياسية أو الدبلوماسية أو البرلمانيّة أو القضائيّة يمكن ألا يختلف عن تعاملهما مع أيّ مجرم حق عام. فهما لا يُباليان إطلاقا بإذلال "دول صديقة" والمسّ بهيبتها مادامت هذه الدول غير قادرة على الدفاع على نفسها..
طرحنا سؤالا عمّا إن كانت السلطات الإيطاليّة والفرنسيّة ستجرأ على ارتكاب مثل هذه الممارسات المهينة لو تعلّق الأمر بمستشار ليبي أو تونسي
- بالنسبة إلى الجزائر والمغرب :
الإجابة بنعم بالنسبة إلى هذين البلدين بما أنّها لم تفعل شيئا إزاء اعتقال دبلوماسييْها. فالجزائر كان ردّ فعلها على اعتقال أحد كبار دبلوماسييها ذليلا بقدر الذلّ الذي عومل به مدير البروتوكول في الخارجية الفرنسية من قبل شرطة الحدود الفرنسية حسب تصريح المسؤولين الجزائريين أنفسهم... فضلت السلطات الجزائرية ترك الأمر للقضاء بهدف "تفادي المهاترات". وللأسف لم تعد الجزائر الأبيّة، مع الرئيس بوتفليقة، تحافظ على أنفتها كما كانت تحرص دائما..
أمّا المملكة المغربيّة فقد اكتفت باستدعاء سفيرها في روما لا سفير إيطاليا في الرباط. كما قبلت مكوث مستشارها قرابة ثلاثة أسابيع رهن الاعتقال. والمسيء أيضا أنّ السلطات المغربيّة عوضا عن التحرّك بآليات مشابهة أو فتح ملفات إيطاليّة مماثلة، عوّلت -حسب ما جاء في وكالة أنبائها الرسميّة- على أفراد عائلة البرلماني المغربي المعتقل للتعبير عن "استغرابهم وشجبهم للطريقة التي اعتقل وحوكم بها من قبل القضاء الإيطالي"، وهذا يدخل في نطاق الرسائل المخصّصة للاستهلاك المحلّي لا لمعالجة قضيّة مسّت بهيبة الدولة المغربيّة. فقد تعاملت الأجهزة الإيطاليّة مع برلماني مغربي ذي حصانة بطريقة مهينة تتعامل بها عادة مع تجار المخدّرات والمهاجرين غير الشرعيين..
- أمّا بالنسبة إلى ليبيا :
فباعتقادنا أنّ عدّة عوامل ستجبر إيطاليا وفرنسا على التردّد كثيرا قبل أن تأتي حماقة كتلك. ومع هذا ينبغي أن نشير أولا إلى أنّ ليبيا من حيث المبدأ كانت قد سلّمت بنفسها اثنين من مواطنيها لمحاكمتهما بالخارج تحت ضغط دولي وخاصّة أمريكي. والواضح أنّ ليبيا كانت مضطرّة لعقد تلك الصفقة السياسيّة لأنّ استمراريّة النظام الليبي القائم والتوازنات العامة في الدولة كانت في حدّ ذاتها مرتبطة بشكل من الأشكال بحلّ ثلاث قضايا وهي، أوّلا: الاعتراف بمسؤوليّتها في قضيّة لوكربي وتقديم التعويضات المطلوبة، وثانيا: التخلّص من أسلحة الدمار الشامل والتخلّي عن برامج التسلّح الليبيّة المرتبطة بها، وثالثا: الكشف عن علاقاتها ببعض التنظيمات السياسيّة المسلّحة في الخارج.. وهذا ما أتاح لليبيا عودة الزخم الاقتصادي والاستثماري مُجدّدا.
ورغم كلّ تلك التنازلات يبقى التعامل مع ليبيا بالنسبة إلى دول مثل إيطاليا وفرنسا محفوفا بالمخاطر، فهي تخشى قبل كلّ شيء التضحية بمصالحها الاقتصاديّة الكبرى في ليبيا وخاصة في مجال الطاقة، لأنّها تـُدرك أنّ معمر القذافي لن يتردّد في كسر ظهرها اقتصاديّا والرمي في البحر بكلّ مصالحها في ليبيا إذا شعر مثلا بأنّه مستهدف شخصيّا من معاملة مهينة لأحد دبلوماسييه. ويمكن أن نستشهد في هذا الصدد بالعديد من الأمثلة، وآخرها الردّ العنيف والسريع الذي تمّت بمقتضاه مواجهة عميلة اعتقال ابن الزعيم الليبي هنيبال القذافي وزوجته من قبل السلطات السويسريّة أواسط جويلية/يوليو الماضي على خلفيّة اتهامهما بتعنيف خادميهما المغربي والتونسية. فقد اعتقلت السلطات الليبية مواطنين سويسريين يعملان في ليبيا بدعوى إقامتهما بطريقة غير شرعيّة وعطّلت الرحلات الجوية الرابطة بين البلدين وامتنعت عن إعطاء تأشيرات الدخول إلى أراضيها للسوسريين وأعلمت الشركات السويسريّة بطرابلس بقرار إغلاقها وبدات بإجراءات وقف تزويد سويسرا بالنفط وهي التي تبيعها قرابة 50 بالمائة من حاجياتها البتروليّة. وبغض النظر عن مشروعيّة هذه الإجراءات وخاصّة عدم مبالاة النظام الليبي بارتكاب نجل القذافي ممارسات لا إنسانيّة ومهينة إزاء مواطنين آخرين، فإنّ طرابلس القذافي قد تحرّكت بشكل حازم وحاسم من منطلق إدراكها لعدم اكتراث الدول الغربية مثل سويسرا وغيرها بالمسّ بهيبة بهيبتها واستغلال ذلك لابتزازها سياسيّا. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ سويسرا نفسها، هذه الدولة التي تدّعي الحياد، قد لمحت من خلال بعض القنوات الإعلامية الغربيّة إلى قدرتها على معاقبة ليبيا بتجميد أرصدتها في البنوك السويسريّة، وهذه قضيّة أخرى قد نتناولها في مقال لاحق...
- وبالنسبة إلى التعامل مع تونس :
فقد يكون التعامل معها بدوره مُختلفا لأسباب موضوعيّة. فعلى الرغم من محدوديّة الثروات الطبيعيّة في تونس، فإنّ لهاتين الدولتين مصالح اقتصاديّة هامة في البلاد. ولكن ربّما الأهمّ من ذلك أنهما تدركان مدى حساسيّة مسألة التدخل في الشؤون التونسيّة بالنسبة إلى الرئيس بن علي، فمسألة رفض تقديم الدروس من الأجنبي أضحت إحدى مميّزات الخطاب الرسمي التونسي إزاء الخارج.. ومن الأمثلة الدالّة على ذلك نذكر الصفعة السياسيّة التي وجّهها رئيس الدولة التونسي إلى الرئيس السويسري في تونس بالذات خلال احتضانها المرحلة الثانية من القمة العالميّة حول مجتمع المعلومات في نوفمبر 2005 لأنّه عمد بشكل استعلائي توجيه انتقادات لاذعة إلى السلطات التونسية في مجال حقوق الإنسان، وذلك في إطار الرفع من شأن سويسرا التي احتضنت المرحلة الأولى من القمّة على حساب تونس. كما يمكن أن نشير إلى أنّ تونس منذ بضعة أشهر كانت قد فرضت على القضاء الفرنسي ومن ورائه السلطات الفرنسيّة إيفاد قاض فرنسي إلى تونس للتباحث والتنسيق بشأن إحدى القضايا. وكذا الأمر بالنسبة إلى التحرّك المكثف لتونس إزاء اعتقال السلطات الإيطاليّة عدد من البحارة التونسيين بسبب إنقاذهم بعض المهاجرين غير الشرعيين من الموت المحقق قبالة المياه الإقليميّة الإيطاليّة، على الرغم من أنّها قضيّة حق عام لا تمسّ بهيبة الدولة التونسيّة بقدر ما تعكس لا إنسانيّة تلك الممارسات الإيطاليّة. ويُذكر أيضا أنّه منذ بضع سنوات استبقت السلطات التونسية إجراءً سويسريّا بمحاكمة وزير تونسي سابق، وذلك بالتعجيل بإعادته إلى تونس. فبغض النظر عن مضمون هذه القضايا فإنها تبقى مرتبطة على المستوى الرمزي بسيادة الدول وخاصّة بهيبتها ولذلك تفترض التنسيق بين أجهزتها بعيدا عن الوصاية المـُذلّلة...
المُعيب والمُقرف أنّ هذه الدول الاستعماريّة مازالت تفعل كلّ ما بوسعها للحفاظ على وصايتها المُعلنة أحيانا ولو باستحياء. وفي المقابل تمانع أشدّ الامتناع في الإقرار بالمآسي التي تسبّبت فيها إزاء الشعوب التي احتلّت بلادها راهنا أو سابق. ولنأخذ مثلا ملف حرب الجزائر. فعى الرغم من كلّ ما يُقال في مستوى وسائل الإعلام الفرنسية، يبقى هذا الملف على المستوى الرسمي الفرنسي من الخطوط الحمراء لا ينبغي المساس بها.. ففتح هذا الملف يعني إظهار الوجه القبيح لفرنسا، فباريس ليست فقط عنوانا للأنوار والحريّات وللروائع الأدبية والفن النبيل.. فإذا استذكرنا حرب الجزائر بدا لنا وجه آخر لباريس، وجه ملوّث بالدماء والفظاعات والتدمير والإبادة والعنصريّة الأخاذة. فلماذا لا تـُجرى محاكمة أي مسؤول فرنسي عن تلك الجرائم الفظيعة ولو رمزيّا، في حين تسعى خفاء وعلنا إلى إهانة الدول الصغرى، وتصبح صاغرة أمام القوى العظمى. ولنا في وزير الخارجية الفرنسي الحالي برنار كوشنار (صاحب نظرية حق التدخل السياسي والعسكري في الدول الأخرى لإرساء الديمقراطية) خير مثال على الانتهازيّة السياسيّة الفجّة.
وبعيدا عن عقليّة المؤامرة وما إلى ذلك، علينا نتساءل عمّا فعلته دول مثل فرنسا وإيطاليا وبلجيكا إزاء ما ارتكبته من جرائم فظيعة منظمة في مستعمراتها السابقة.. تلك ملفات لا ترغب هذه الدول في نبشها وليس من مصلحتها أن تفعل ذلك. ولهذا ليس لها أن تـُملي وصايتها على غيرها باسم القانون، إذ توجد صيغ أخرى يمكن أن يتمّ بمقتضاها حلّ القضايا التي تمسّ برمز الدولة دون الاضطرار إلى الممارسات المهينة المتبادلة. وهذا لا يعني التغاضي عن الانتهاكات والجرائم المقترفة، إذ يمكن التنسيق بين الأجهزة المختصّة في الدول المعنيّة بهدف إحلال العدالة دون تعمّد الإساءة والإهانة، لاسيّما أنّ حقائق التاريخ لا يمكن أن تبقى مطمورة في الملفات السريّة إلى ما لا نهاية..

2008-08-29

- حصيلة هزيلة للعرب في بيكين (4/4)

قراءة مُغايرة لهزيمة أولمبيّة مُنتظرة ؟ (4/4)

بين المغرب والبحرين.. من أعطاني مالا أكثر، أهديت له ذهبا!!

سنة 2002 كان الراتب الشهري لرشيد رمزي في المغرب لا يتجاوز قيمة 50 دولارا أمريكيّا، وتمّ حرمانه منه بسبب إصابة أوقفته عن التمارين..

من المعلوم أنّ البطل الأولمبي البحريني الجديد رشيد رمزي هو مغربي الجنسية، بل وقد شارك في بطولات عالميّة سابقة تحت راية المملكة المغربية قبل الانتساب إلى مملكة أخرى.. ومن حيث المبدإ الحقوقي لأيّ إنسان الحق في أن يحمل أيّ جنسيّة يمكن أن تـُعطى له.. غير أنّ حساسيّة الأمر تكمن اليوم في أنّ الموضوع يدور بين بلدين عربيين.. ولذلك ينبغي محاولة تجاوز الحسّ الوطني الضيّق، فللإخوة البحرينيين أن ينعموا بأوّل فوز أولمبي في تاريخهم.. ولكنّ الإشكال يبدو في مستوى ما أعلنه البطل رشيد رمزي الضابط حاليّا في الحرس الملكي البحريني عن "صفقة" تجنيسه منذ سنوات، فقد قال حرفيّا إنّ: "مجيئي إلى البحرين تحكمه اعتبارات اقتصادية لا غير". «Venir au Bahreïn a été uniquement motivé par des considérations économiques. Il n'y a pas eu d'approche de la part du gouvernement du Bahreïn»1.
ويُذكر أنّه في سنة 2002 جمّد الاتحاد الملكي المغربي لألعاب القوى المنحة الشهرية البالغة 500 درهم لاغير (حوالي 50 دولار أمريكي) لرشيد رمزي بعد تعرّضه لإصابة أوقفته عن التمارين2 (يعني أنّ اللاعب المصاب في هذه البلاد لا ينبغي أن يُعامل كالبشر، وإنّما كحمار لم يعد قادرا على حمل الأثقال فألقي به للضباع في حديقة الحيوان). وعلى إثر ذلك عرضت عليه البحرين راتبا شهريّا بـ750 دولار ووظيفة قارّة في وزارة الدفاع مقابل العدو تحت رايتها، فقبل بهذا العرض رغم محدوديّته، لكنه عرض لا يُقارن بالوضع المادّي المُزري الذي كان يعيشه رشيد في المغرب. وها هي ثماره تظهر للعيان في أولمبياد بيكين.
ومع ذلك، لسائل أن يسأل عن أحاسيس الأشقاء المغاربة والبحرينيين على حدّ السواء بانتصار رشيد رمزي، فكيف كان مذاق تلك الميداليّة الذهبيّة الغالية على الصعيد الشعبي أساسا، لأنّها على الصعيد الرسمي لن تكون بالنسبة إلى البحرين سوى رقم يتمّ إدراجه في مطبوعات وزارة الإعلام عن إنجازات المملكة في المحافل الدوليّة. ومع ذلك ربّما لن يُذكر بعد جيل سوى أنّ البحرين قد فازت في أولمبياد 2008 بميداليّة ذهبيّة دون أيّ إشارة إلى المغرب الذي سيحتضن ثراه على الأغلب جثمان رشيد -بعد عمر طويل- بما أنّه لا يقيم في البحرين سوى ثلاثة أشهر في السنة ويقضي بقية العام في المغرب حيث يقوم بتمارينه بالإضافة إلى أنّ دخله المتواضع لا يسمح له بالإقامة المريحة في البحرين. والأكيد أنّ الأمر سيتغيّر بعد ذهبيّة بيكين التي صنعت مجدا كان مفقودا للإخوة البحرينيين... وتجدر الإشارة إلى أنّ أكثر من 80 دولة حصلت على ميداليات في أولمبياد بكين دون أن تحتاج لاستيراد رياضيين من دول أخرى بقوّة المال، رغم شرعيّة مثل هذا التجنيس بل وقيمته الإنسانيّة ربّما غير المقصودة...
وعموما، فإنّ أكثر ما أمكن تحقيقه للـســــواد الأعظم من أفراد البعثات العربية للأولمبياد هو مجرّد التقاط صور جميلة وتصوير بعض اللقطات بالفيديو في أمكنة خلاّبة في إمبراطوريّة عظمى بحجم الصين زمن الأولمبياد.. لا شيء أكثر من بعض الذكريات الأسطوريّة ستبقى محفورة في أذهان بعض الشباب الذي لم يرْقَ للأسف إلى مستوى الأبطال، فهؤلاء هم بالفعل أبرياء رغم فشلهم الذريع.. أما المسؤولون عن هذه الهزيمة الجديدة فهو طبيعة الوضع العام في البلاد العربية، بدءا بدءا بالمسؤولين عن الاتحادات الرياضية وكذلك جيوش من الكهول والشيوخ انضمّوا إلى وفود والبعثات الأولمبية بوسائل لا تخرج عن المحسوبيّة والحسابات الشخصيّة، إذ تفوق أعداد هؤلاء عدد الرياضيين أنفسهم في معظم البعثات العربيّة. وفداحة هذا الأمر مكشوفة ولا يمكن أن تنطلي حتى على الحمقى...
ملاحظة : تسهيلا لقراءة هذا المقال آثرنا تقسيمه إلى أربعة أجزاء منشورة تباعا، وذلك حسب ترتيب الدول العربية التي اخترناها مثالا لتقييم بعض جوانب أدائها في المنديال وهي تونس ومصر والبحرين والمغرب.
(مصدر الصورة: http://www.safi.com/)
1 ورد هذا التصريح لرشيد رمزي في صحيفة الأهرام هبدو الإلكترونيّة بتاريخ 17/08/2005، ويمكن الاطلاع عليه عبر الرابط التالي http://hebdo.ahram.org.eg/arab/ahram/2005/8/17/spor6.htm
2 هذه المعطيات وردت في بعض وسائل الإعلام المغربية ويمكن إيجادها عبر الرابط التالي:

- حصيلة هزيلة للعرب في بيكين (4/3)

قراءة مُغايرة لهزيمة أولمبيّة مُنتظرة ؟ (4/3)
مصر: 70 مليون جنيه.. والعودة بخفي حنين..
تجاوز عدد الرياضيين في البعثة الأولمبية المصرية مائة شخص، غير أنّ هذه المائة من الرياضيين لم تحصد سوى الحنظل، باستثناء بطل صاعد هو لاعب الجودو هشام مصباح الذي اكتفى بالفوز بميداليّة برونزية في وزن تحت 90 كيلوغرام، في حين لم يتمكن البطل الأولمبي السابق في المصارعة كرم جابر من الاحتفاظ بلقبه تاركا المنافسات في دور مبكر لأسباب عدّة من أهمّها الإهمال الذي لحقه بين أولمبيادي أثينا وبيكين. والنتيجة أنّ حصيلة مصر في مسابقات بيكين تدحرجت إلى درجة الحضيض بالمقارنة بدورة أثينا عام 2004 حين فازت بخمس ميداليات بينها ذهبية.
والأدهى والأمر أنّ الكلفة المالية التي خصّصتها مصر للإعداد لدورة بيكين والمشاركة فيها قـُدّرت -حسب ما أوردته بعض الصحف المصريّة- بـ 70 مليون جنيه، فكم من ألف مليون رغيف يمكن يُقدّم للجياع مقابل برونزيّة واحدة، وألا يخجل عشرات الأشخاص الذين رافقوا البعثة المصرية على حساب دافعي الضرائب في بلد النيل. أمّا الملهاة الحقيقيّة فهي لجنة التحقيق التي أمر الرئيس حسني مبارك بتشكيلها لتشخيص أسباب الفشل، ذلك أنّه أصبح معلوما في البلاد العربيّة أنّ هكذا لجان إنما يتمّ تشكيلها إذا أُريد قبر الحقيقة إلى أجل غير معلوم.. والواقع أنّنا لن نأتي بجديد في هذا الصدد، فقد اعتبر العديد من الملاحظين في مصر أنّ لجنة التحقيق المذكورة ليست سوى لجنة صوريّة وتشكيلها لا يعدو أن يكون سوى مجرّد فرقعة إعلامية وتحرك تكتيكي لاحتواء غضب الناس.. فالرياضيّون المصريون لم يحظوا بالإعداد المطلوب قبل الأولمبياد في ظلّ المشاحنات القائمة في اتحادات الرياضة في البلاد. ومن المضحكات المبكيات أنّ الرياضي الوحيد الذي أنقذ مصر من العودة بخفي حنين هشام مصباح كان منهمكا دون جدوى في البحث عن وظيفة وشقة للسكن..
فشل مصر في بيكين هو جزء من فشل العرب عموما، وهي نتيجة لا تستوجب إجراء تحقيق بما أنه كان فشلا منتظرا على غرار الفشل في سائر الملفات التي تشغل هذه البلاد أو تلك في المنطقة العربيّة.
ملاحظة : تسهيلا لقراءة هذا المقال آثرنا تقسيمه إلى أربعة أجزاء منشورة تباعا، وذلك حسب ترتيب الدول العربية التي اخترناها مثالا لتقييم بعض جوانب أدائها في المنديال وهي تونس ومصر والبحرين والمغرب.

- حصيلة هزيلة للعرب في بيكين (4/2)

قراءة مُغايرة لهزيمة أولمبيّة مُنتظرة ؟ (4/2)
تونس.. الملولي أكبر من تجاوزات المسؤولين!!
ضمّت البعثة التونسيّة للألعاب الأولمبية 53 فردا برئاسة المنصف شلغاف، وقد شكّل عدد الرياضيين المشاركين المشاركين في الألعاب الأولمبيّة أقل من نصف هؤلاء. 26 رياضيّا لم يحصدوا سوى الفشل، فعلى أيّ أساس تمّ اختيارهم لاسيّما أنّ معظمهم يحتلّ مراكز متأخّرة جدّا في البطولات العالمية السابقة للأولمبياد. قد يكون تضخيم عدد هؤلاء مبرّرا لإقحام عدد من المسؤولين في الوفد المشارك دون حاجة فعليّة لخدماتهم..
ولنأخذ مثالا على الأداء الذي تميّز به رياضيّو تونس. فالعداء حسنين السباعي مثلا وهو من أفضل العناصر الرياضيّة في الوفد التونسي لم يكن مطلقا من كبار الأبطال فالانتصارات الإقليميّة التي حققها خلال الألعاب العربية بمصر والبطولة العربية بالأردن 2007 جرت مع فرق هزيلة، بما أنّ كلّ الفرق العربيّة أهزل ممّا نتصوّر. ولذا فإنّ حجم هذا العدّاء لا يتجاوز مستوى تلك المناسبات المتواضعة، وربّما لا يُعدّ إرساله إلى بيكين سوى تكريم أو مجاملة مُستحقّة لتلك الإنجازات السابقة. أمّا مراهنة كبار الأبطال فذاك أمر آخر. فقد كان فشل حسنين السباعي مكشوفا بل ومنتظرا بما أنّه لم يحصل قبل الأولمبياد سوى على المركز الـ23 في بطولة العالم الأخيرة. وهذا في الحقيقة ينطبق أيضا على معظم الرياضيين التونسيين المشاركين، وربّما كان من الأفضل الاكتفاء بوفد من الرياضيين لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة..
أمّا العلامة الفارقة في المشاركة التونسيّة فهي بكل تأكيد مشاركة أسامة الملولي الذي تمكّن بصعوبة من معالجة العقم الأولمبي التونسي بحصوله على الميدالية الذهبية في سباق 1500 متر سباحة حرة. وقد شدّني حديث رئيس الدولة خلال تهنئته للملولي (وهو ما نشرته معظم الصحف التونسية) حينما أكّد للسباح الفذ "دعمه له وحرصه على توفير كل الظروف الملائمة لاستعداده الجيّد للمواعيد الدولية المقبلة". فلا ريب أنّ الرئيس بن علي قد وجّه للملولي وللتونسيين بذلك رسالة، أوّلها أنه أعلم التونسيين بالصعوبات التي واجهها الملولي خلال الفترة السابقة للأولمبياد، وكذلك الموقف السيئ الذي جوبه به الملولي من قبل رئيس الوفد التونسي إلى ألعاب بيكين بعد إخفاقه في سباق 400 متر سباحة حرّة التي تـُعدّ اختصاصه الأوّل، وثانيها أنّ من لا قدرة له على تشريف البلاد ورفع رايتها لا يستحق أن تـُبذل من أجله موارد ماليّة هامّة ما أحوج التونسيين إليها.

ملاحظة : تسهيلا لقراءة هذا المقال آثرنا تقسيمه إلى أربعة أجزاء منشورة تباعا، وذلك حسب ترتيب الدول العربية التي اخترناها مثالا لتقييم بعض جوانب أدائها في المنديال وهي تونس ومصر والبحرين والمغرب. .

2008-08-28

- حصيلة هزيلة للعرب في بيكين (4/1)

قراءة مُغايرة لهزيمة أولمبيّة مُنتظرة ؟؟؟

(1/4)
قلّما يكون هناك إجماع عربي على موقف واحد بشأن قضيّة معيّنة، باستثناء تقاليد "مجلس وزراء الداخليّة العرب" الذي دأب على إنهاء اجتماعاته بالإجماع ولا شيء غيره، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى الصبغة الأمنيّة لاهتمامات هذه المنظمة. ومع أنّ هناك إجماعا على الفشل الذريع الذي حصده العرب في أولمبياد بيكين، فإنّ بعض الدول العربيّة قد غمرتها الفرحة والفخر مثل البحرين التي فازت بأوّل ميداليّة في تاريخ مشاركاتها الأولمبية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السودان المتخبّطة في الفوضى السياسيّة والعسكريّة والاجتماعيّة فقد كسرت حاجز العقم الأولمبي لأوّل مرّة في تاريخها بفوزها بميداليّة فضيّة. أمّا تونس، فهي الأخرى قد انتشت بحصولها على الميداليّة الذهبية الثانية في تاريخ مشاركاتها الأولمبية بعد مضيّ 40 عاما على أول ذهبيّة تحوزها.
هذه الانتصارات المحدودة لم تمنع العرب من الشعور بالخيبة الكاسحة تتجدّد كلّ يوم بأثواب مُختلفة وآخرها حصيلة أولمبياد الصين. كيف لا، ودولة فقيرة محدودة الإمكانيّات مثل كينيا تفوز بمفردها بأكثر من ضعف ما جناه العرب مجتمعين (14 ميداليّة منها 5 ميداليّات ذهبية) وأخرى مثل جمايكا تحصد 11 ميداليّة منها 6 ميداليّات ذهبيّة(ثلاثة أضعاف ما جناه العرب من ميداليّات عربيّة).
ماذا حدث تحديدا ؟
الأولمبياد حدث عالميّ مفتوح ومكشوف بالنسبة إلى الجميع، لا يمكن فيه حجب المعلومة، مهما كانت طبيعتها. أربع دول عربيّة لفت انتباهي بعض ما ميزّ مشاركتها في الأولمبياد وهي تونس ومصر والبحرين والمغرب، لذلك سنقتسم معا بعض المعلومات والآراء والانطباعات بشأن بعض ما التصق بمشاركة هذه الدول في الأولمبياد...
وعموما، فإنّ أكثر ما أمكن تحقيقه للـســــواد الأعظم من أفراد البعثات العربية للأولمبياد هو مجرّد التقاط صور جميلة وتصوير بعض اللقطات بالفيديو في أمكنة خلاّبة في إمبراطوريّة عظمى بحجم الصين زمن الأولمبياد.. لا شيء أكثر من بعض الذكريات الأسطوريّة ستبقى محفورة في أذهان بعض الشباب الذي لم يرْقَ للأسف إلى مستوى الأبطال، فهؤلاء هم بالفعل أبرياء رغم فشلهم الذريع.. أما المسؤولون عن هذه الهزيمة الجديدة فهو طبيعة الوضع العام في البلاد العربية، بدءا بدءا بالمسؤولين عن الاتحادات الرياضية وكذلك جيوش من الكهول والشيوخ انضمّوا إلى وفود والبعثات الأولمبية بوسائل لا تخرج عن المحسوبيّة والحسابات الشخصيّة، إذ تفوق أعداد هؤلاء عدد الرياضيين أنفسهم في معظم البعثات العربيّة. وفداحة هذا الأمر مكشوفة ولا يمكن أن تنطلي حتى على الحمقى...

ملاحظة : تسهيلا لقراءة هذا المقال آثرنا تقسيمه إلى أربعة أجزاء منشورة تباعا، وذلك حسب ترتيب الدول العربية التي اخترناها مثالا لتقييم بعض جوانب أدائها في المنديال وهي تونس ومصر والبحرين والمغرب. .

- أعوان برلسكوني يُفرجون عن البرلماني المغربي المعتقل

عندما تـُستباح كرامة دبلوماسي مغربي في إيطاليا..!!
هل تجرأ السلطات الإيطاليّة على ارتكاب هكذا حماقة لو تعلّق الأمر بمستشار جزائريّ أو ليبي؟؟؟
... ورقة نكتبها لاحقا في "إعلام بلا حدود"...

- الصين ولعبة الرياضة والسياسة

أولمبياد بيكين وصناعة الأساطير

اكتسبت الرياضة بمختلف مجالاتها، منذ عقود، أهميّة متزايدة في معظم بلاد العالم. كما أضحت الرغبة في إحراز انتصارات وألقاب رياضيّة عالميّة بمثابة أهداف إستراتيجية ذات أولويّة بالنسبة إلى الأنظمة وعنوانا للنخوة والفخر الوطنيين بالنسبة إلى الشعوب في أيّ مكان من الأرض.
وعلى غرار مبدإ "الفن من أجل الفن" بدا واضحا أنّ مقولة "الرياضة من أجل الرياضة" قد طواها الزمن منذ دهر ليس بالقريب. وهذا أمر لم يعد غريبا بما أنّ الرياضة قد صارت من الرهانات الحيويّة التي تتحكّم فيها ثنائيّة المال والسياسة. ولنا في الأولمبياد الأخير في بكين خير مثال، فقد سبقته في العديد من العواصم الغربية عواصف من الاحتجاجات السلميّة وأحيانا شبه العنيفة على السجل الأسود للصين في مجال حقوق الإنسان عموما... واستباقا لانطلاق الألعاب الأولمبية نُظمت المظاهرات والاعتصامات أمام سفارات الصين في العديد من العواصم مؤازرة إقليم التيبت ولحق شعبها في الاستقلال فاستقبل زعيم إقليم التيبت الروحي الدالاي لاما من قبل رؤساء ووزراء وكبار السياسيين، فلماذا لم يؤثر كلّ ذلك في نجاح الأولمبياد..؟ صحيح أنّ زعيم التيبتيين قد نجح إلى حدّ مّا في لفت الأنظار إلى قضيّة شعبه بفضل مُعاضدة الغرب وتشبّث أهل الإقليم وبعض زعمائهم بحقوقهم التاريخيّة، ولكنّ ذلك يبقى مجرّد مناورة إعلاميّة لا أثر لها في تغيير الرسوم الحدوديّة على المدى المنظور. والواضح أيضا في هذا الصدد أنّ الصين قد أعطت خلال الأولمبياد الإجابة الحاسمة بأنّه لا يمكن البتة لَيُّ ذراعها، وأنّه لا إمكانيّة لدخول مجالها الحيوي دون رضاها..
وفي هذا الأولمبياد كذلك، رغم ما قيل بشأن بعض الهفوات التنظيميّة ورغم ما رُوّج عن احتمالات تنفيذ أعمال إرهابيّة لإفشال الألعاب الأولمبية، نجحت الصين عينيّا في رفع التحديات التي أخذتها على عاتقها وكسب الرهانات التي حدّدتها سلفا.. الصين أذهلت العالم بأسره وأبهرته بإنجازاتها الكبرى على معظم الأصعدة، وأثبتت أنّ هيمنتها الاقتصاديّة واكتساحها الطوفاني للأسواق العالمية لها ما يبرّرها على مستوى التماسك الداخلي والإصرار الجماعي لشعبها على النماء والتفوّق..
لقد فهمت أنّ سرّ نجاح الصين يكمن في قدرتها على استيعاب كلّ ما حولها وتحويله إلى صالحها دون ضجّة أو افتعال لمعارك خاسرة...
يكفي أن نستذكر حفلي الافتتاح والاختتام لأولمبياد بيكين حتى نستوعب الدرس الذي قدمته الصين للعالم.. لوحات أثبتت أنّ تلك البلاد لم تعد تقبل الاضطلاع بالأدوار الثانويّة.. صناعة الأبطال في شتى ميادين الرياضة والصناعة والاقتصاد والفنّ وما إلى ذلك أضحت شأنها الوطني المقدّس.. بكلّ هدوء أثبتت بأنّ تلك هي السياسة..
الصين الزاخر تاريخها الحضاري وتراثها الشعبي بأساطير لا حصر لها ولا عدّ، أكّدت للعالم مُجدّدا أنّ عبقريّتها الحقيقيّة تكمن في صناعة أساطير جديدة..

(مصدر الكاريكاتير: le journal NZZ am Sonntag)

2008-08-27

- حصيلة العرب في أولمبياد بكين !!!

قراءة مُغايرة لهزيمة مُنتظرة ؟؟؟

* نقاط استفهام حول مشاركة بعض البعثات الأولمبيّة العربية ؟؟؟
* حقيقة تجاهل الجامعة التونسيّة للسباحة لأسامة الملولي قبل الأولمبياد..
* ملهاة الرياضة والسياسة في مصر: تحقيق حسني مبارك، هل يُكرّس الخيبة؟
* مصر: 70 مليون جنيه.. والعودة بخفي حنين..

* رشيد رمزي بحريني الجنسيّة ذو منشإ مغربي : من أعطاني مالا أكثر
أهديت له ذهبا

للـحـديـــــث
بـقـيّــــــــــــة...

2008-08-26

- كاريكاتير اليوم: يا كامل الأوصاف..

هذا الملخّص غير متوفِّر. يُرجى النقر هنا لعرض المشاركة.

- إعفاء ضريبي لـ13 منظمة أمريكيّة تساعد المستوطنين في الضفة الغربية

واشنطن.. راعي الاستيطان..!!
كشفت بعض المصادر الإعلاميّة مؤخرا أنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة قد منحت إعفاءات ضريبيّة لثلاثة عشرة منظمة أمريكيّة متخصّصة في جمع الأموال لمساعدة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربيّة المحتلّة. وهو ما يجعل موقف واشنطن المعلن بشأن معارضتها لتوسيع المستوطنات الإسرائيليّة في فلسطين المحتلّة مُفرغا من أيّ معنى.
وتـُبرّر هذه تلك المنظمات الأمريكيّة حصولها على إعفاءات ضريبيّة هامّة من حومة واشنطن بكون عملها في المستوطنات الإسرائيليّة هو عمل إنسانيّ وليس عملا سياسيّا. ولذلك فهي ترفض مقارنتها بالجمعيات الخيريّة الفلسطينيّة التي يُواجه العديد منها عقوبات أمريكيّة بسبب اتهامها بإقامة علاقات مشبوهة بتنظيمات مسلّحة مثل حركة حماس المصنّفة منظمة إرهابيّة بالمنظور الإسرائيلي والأمريكي.
وقد أوردت وكالة رويترز تصريحا للمتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك اعتبر فيه أنّ مثل هذه المسائل الضريبية والقانونية ليست من اختصاص وزارة الخارجية، غير أنّه أكّد في التصريح ذاته أنّ "السياسة الأميركية بشأن المستوطنات واضحة، إنها السياسة الصائبة، وهي أن تحاول المساعدة في التوصّل لتسوية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين". وهنا يبرز التناقض الجسيم في حديث هذا المسؤول الأمريكي عن وضوح سياسة واشنطن بشأن المستوطنات، فهي تـُعلن عكس ما تـُضمر بل وتـُضمّن خطابها السياسي المُوجّه للعرب أنظمة وشعوبا مواقف تتناقض مع ما تقوم به على الأرض من تشجيع عينيّ مباشر لمن يُساعد على تثبيت المستوطنات القائمة والتشجيع على إقامة أخرى. فتلك المستوطنات هي نفسها التي عارضت واشنطن إقامتها منذ سنوات عند الإعلان عن البدء في تشييدها، وهي اليوم تـُعنى بمساعدة مستوطنيها على العيش في أمان ورفاهيّة على حساب أصحاب الأرض الأصليين.
ومن الواضح أنّ اللوبي الصهيوني في أمريكا هو من يقف وراء دعم تلك التنظيمات التي يمكن أن نصفها هي في حدّ ذاتها بالتنظيمات الاستيطانيّة. ولا ريب أنّ ذاك اللوبي الصهيوني يعرف حق المعرفة من أين تـُؤكل الكتف في بلاد العمّ سام، فهو يُجيد لعبة الانتخابات في أمريكا، ويُتقن أساليب التأثير على قرار المؤسّسات الأمريكيّة الهامّة، ويُدرك أنّ الخطاب الرسمي الأمريكي بشأن معارضة توسيع المستوطنات هو للاستهلاك الإعلامي لا غير..
وبعيدا عن أيّ قول بنظريّة المؤامرة فإنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة التي اعترفت قبل ستين عاما باستقلال دولة إسرائيل ووحدة أراضيها وبعاصمتها القدس وذلك قبل انقضاء أربع وعشرين ساعة على إعلان قيامها، لا يُمكن أن يصدر عنها موقف بشأن الصراع العربي الإسرائيلي دون الاتفاق على تفاصيله مع إسرائيل... أمّا بقيّة ما يُصاغ ويُعلن لوسائل الإعلام وللساسة العرب فهو من الإكسسوارات الثانويّة أو اللازمة لملهاة السلام والحرب في المنطقة..!
(مصدر الصورة: موقع واب اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم www.pncecs.org)

2008-08-25

- الصحافة والدين..

من القائل : "تخلق الصحافة في هذا العصر أساطير في يوم واحد أكثر ممّا يخلقه الدين خلال قرن" ؟؟؟
"La presse crée aujourd'hui en un seul jour plus de mythes que la religion en un siècle"

القائل هو كارل ماركس، فهو إذ يعتبر أنّ قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج ونوعيّة الملكيّة تـُكوّن البنى التحتيّة التي يحدّد تفاعلها التطوّر التاريخي، فإنّه نبّه أيضا إلى أهميّة الأفكار والتمثـّلات والمعتقدات التي تـُكوّن البنى التحتيّة. وعلى غرار الكاتب والصحفي الفرنسي هونوري بالزاك Honoré Balzac والكاتب والمفكر الإيطالي أنتونيو قرامشي Antonio Gramsci كشف ماركس الدور المحوري للصحافة في تكوين الذهنيّات، مُعتبرا أنّ الخاصيّة الجماهيريّة للصحافة قد بوّأتها قوّة تأثيريّة أرفع من تلك التي يُمارسها الدين حسب رأيه.
ولكن هلّ مازال هذا "التصوّر" يحافظ، في الزمن الراهن، على أهميّته الآنيّة ومقوّماته الموضوعيّة السابقة؟
في تقديري، قد يصحّ هذا الرأي أو الحكم باقترانه بزمان ومكان معيّنين، وهما أساسا أوروبا خلال القرن التاسع عشر، أي أوروبا المنعتقة من هيمنة الكنيسة والمرتوية بفلسفة الأنوار، حيث انتشرت الصحافة الجماهيريّة بشكل واسع. أمّا اليوم، فيبدو أنّ الأمور قد شهدت تغيّرات عدّة سواء على المستوى الجيو سياسي أو التكنولوجي أو العلمي.
فمن جهة، لم تعد الصحافة "المكتوبة" الوسيلة الإعلاميّة الوحيدة والمهيمنة، بل أضحت تعاني من شدّة المنافسة التي أحدثتها التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال وخاصة الانتشار الكوني للقنوات التلفزيونيّة الفضائيّة وشبكة الإنترنت... ومن جهة أخرى تجاوزت علوم الإعلام والاتصال اليوم المقولات التقليديّة حول مسألة التأثير المباشر للإعلام في الجماهير أي أن يكون تأثير وسائل الإعلام ذا اتجاه واحد، فلا يواجه أيّ مقاومة أو ردّ فعل من المتلقّي... وقد أصبح هناك اعتقاد شبه راسخ بأنّ النجاح اليوم في ترويج أيّ مضامين ذات أبعاد إخبارية أو أيديولوجية مرتبط غالبا بمدى تملّك تكنولوجيا الإعلام والاتصال والإسهام أساسا في المضامين التي يتمّ ترويجها عبر الشبكة المعلوماتيّة... وعلى هذا الأساس، أصبح تأمين قدر واسع من التفاعليّة (interactivité) بين الباث والمتلقي من أهمّ الشروط المفترض توفـّرها في أيّ وسيلة إعلام ترنو إلى النجاح، لاسيّما أنّ المتلقي نفسه أضحى بدوره باثا للمضامين المختلفة. وهذا ما يُترجم إذن التغيّر الجوهري الذي جدّ على المقاربة الكلاسيكيّة لمسألة التأثير...
أمّا من الجهة الأخرى، فإنّ الأمور قد أصبحت تشهد اليوم الكثير من التداخل، إذ لا يُمكن أن نعتبر أنّ الصحافة أو حتى الإعلام بشكل عام له قوّة تأثير أو تكييف اجتماعي وسياسي أكبر من تلك التي يتمتـّع بها الدين.. والدليل على ذلك العودة القويّة لبروز البعد الديني وهيمنته في المجتمعات العربية والإسلاميّة خلال العقدين الأخيرين، بل وقد امتدّ ذلك بشكل من الأشكال إلى المجتمعات الغربية على الرغم من أنّها لا تزال تحافظ على أنظمتها اللائكيّة.
كما يجب الإشارة إلى مسألة التداخل الكبير في الأدوار بين الدين والإعلام. فقد أضحت وسائل الإعلام اليوم محملا يكاد يكون أساسيّا لترويج الأطروحات والمذاهب الدينيّة المختلفة في العالم بأسره. ويتمّ ذلك عبر الفضائيّات الدينيّة المتخصّصة وكذلك عبر الفضائيّات الإخباريّة أو العامّة سواء منها ذات المضامين الدينيّة المُعلنة أو غير المُعلنة. وهذا في حدّ ذاته موضوع آخر يحتمل الكثير من الجدل ويستوجب نقاشا مسهبا...

- شيوخ التحريم... وهموم الشباب العربي...

موقف جريء لكاتبة سورية عن مسلسل "نور"..
أثناء تجوالي اليومي في بعض مواقع الواب العربيّة، قرأت مقالا لـ"فلورنس غزلان" وهي كاتبة سورية مقيمة في باريس، وقد تحدّثت في هذا المقال -فيما تحدّثت- عن مسلسل "نور" التركي المنتشر منذ أشهر في البيوت العربية. وتطرّقت الكاتبة بالأساس إلى موجة التحريم والتكفير التي طالت هذا المسلسل من قبل العديد من الشيوخ، مُتناولة خلفيّاتها وانعكاساتها على جيل الشباب العربي.
وفي سياق المقال الذي كنت نشرته عن هذا المسلسل التركي المُعرّب، رأيت من المفيد عرض موقف هذه الكاتبة السوريّة الجريئة في هذا الشأن، ولذلك اقتطعت جزءا من مقالها المذكور مصدره أدناه.
تقول فلورنس غزلان :
ألا يكفيكم الحديث والإفتاء بمسلسل "نور" التركي؟... فقد سال الكثير من الحبر في صفحاتكم الورقية والالكترونية، ناهيك عن خطب الجمعة وكل أيام الأسبوع بما يتعلق بتحريم هذا المسلسل واعتباره ناشرا للفساد في الأرض!... يا حُماة الإيمان والإسلام... ألا تسألون أنظمتكم وأنفسكم : لماذا يقبل المواطن على مثل هذه المسلسلات؟... لماذا تهرع الصبايا والنساء والشباب والشيب إليه؟
ألا يعني هذا أن جُل وطننا العربي يعيش خواءً عاطفياً مريعاً؟
ألا يعني هذا أن عليكم أن تكفوا عن وضع التحريم والتكفير أمام الجيل الشاب وتتركوه يقرّر ويختار... كُفوا عن الوصاية... كفوا عن اعتبارنا قُصَّر... وما نحن بقاصرين... اسألوا حكامكم ... لماذا تشعر المرأة أنها بحاجة لكلمة حنان؟ لماذا تسأل زوجها أن يخاطبها مثل مهنّد لنور؟.... لماذا تحلم الفتاة بشاب يحبها كمهند؟ لماذا يحلم الشاب بفتاة مثل نور؟
اسألوا الشيخ العظيم، الذي أفتى بتحريم الصلاة لمن ترتدي قميصا يحمل صورة مهند أو نور!، لأنّ الصورة تأتي بالشيطان للمكان وتجعل الملائكة تهرب!!! ... إنّها مجرد صورة... فما هذه الملائكة التي تهرب من صورة؟ وكيف تستقطب وتجذب صورة الشيطان رغم أن المصلّي أو المصلية يقرآن سوراً وآيات من القرآن؟ اتركوا الحكم للقارئ، الذي تجعلون منه مسخاً لا يستخدم عقله... تستبيحون إنسانيته وتجرّدونه من التحكيم السليم والرؤيا المنطقية.
لأنّكم تضعون أمامه سدوداً من المحرّمات، لأنّكم تحسبون عليه أنفاسه، لأنّكم تركتم أنفسكم وأولادكم يعيشون بوجهين... وجه للخفاء ووجه للحقيقة... على مبدأ: "وإذا بليتم بالمعاصي فاستتروا" فغدا كلّ ما هو مخفي حلالا!!... لأنّ كلّ شاب وكلّ فتاة يرى في الآخر ثعلبا وذئبا يرتدي ثوب إنسان... لأنّكم لم تمنحوهم الثقة بالنفس أولا وبالآخر ثانيا... لأنّ الآخر على الدوام يتربص بهم ويريد بهم شراً!!...
فكيف تبنى مجتمعات تقوم على الشك؟ كيف تبنى أوطان يعيش مواطنها بأكثر من سحنة ويرتدي جلداً جديداً لكل مناسبة ؟... بل ويُصدِر الأحكام مثلكم بالضبط ويورثها لأبنائه من بعده... وهكذا ندور في حلقة مفرغة خالية من حكمة العقل، تقتصر على تعاليم السلطة والشيوخ التابعين، تهلل وتصفق ولا تحلل وتدرس...
(المصدر : لقراءة النصّ الكامل لفلورنس غزلان يمكن النقر على الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=144472 )

2008-08-23

- عندما تـُهيمن ثقافة المنع.. ينتشر الفنّ الهابط..

كارول سماحة تـُمنع من الغناء في مصر.. وماذا بعـد؟!!
أصدر نقيب الموسيقيين المصريين منير الوسيمي أمس الأوّل قرارا بمنع المغنية اللبنانية كارول سماحة من الغناء في مصر عقابا لها على تقديمها ما وصف بأنه "وصلة من الرقص الساخن خلال حفل لها في منتجع مارينا السياحي". وجاء في قرار المنع على لسان هذا المسؤول قوله التالي: "قرّرت منع سماحة من الغناء لحين اعتذارها عما قامت به في الحفل المذكور، وإعلام شرطة المصنفات الفنية لتنفيذ القرار وإبلاغ كل من يتعاملون معها".
‏‏أمّا كرول سماحة، "المتسامحة" بطبعها، فماذا قالت في ردّها على قرار منعها من الغناء في مصر: "آن الأوان أن يعرف جمهوري كم أنا امرأة مثيرة وجميلة".. وهذا يعني في ما يعني أنّها أضحت تبحث عن الشهرة لا عبر "طاقتها" الغنائيّة وإنّما عبر إظهار مفاتنها الجسديّة.. كما نفهم من تصريحها هذا رغبتها في إحداث فرقعة بالونات إعلاميّة بشأن مُصادرة حقها في الإفصاح عن "مواهبها" المتعدّدة في فضاء عام. ومن ثمّة نجحت إلى حدّ مّا في الإيقاع بهذا "النقيب الموسيقار" في فخّ ربّما حفرته له بإتقان..
نقابة الموسيقيين.. ضيعة خاصّة..
لا نستغرب كذلك أن يكون نقيب الموسيقيين المصريين "الوسيم"ـي المذكور أعلاه في حدّ ذاته يرمي بدوره إلى تحقيق شهرة تخونه وإحداث ضجّة إعلاميّة، مُستشعرا لذة السلطة التي في يده ورافعا سوطه الموسيقي المتفرّد، قائلا بصيغة الأنا المفرد "قرّرت" وكأنّ نقابة الموسيقيين المصريين ضيعة خاصة ورثها عن أبيه، فزمجر منبّهًا أولياء نعمته بجسامة دوره في الدفاع عن قيم الحشمة والحياء وعن حرمة تقاليدنا العربية.. أعطى هذا النُوقيب لنفسه بذلك حق الوصاية على الأخلاق العامّة .. وكأنّ مجتمعاتنا خالية تماما من المواخير القائمة بقوّة القانون في مُعظم المدن العربية الكبرى.. وكأنّ هذا التراث الإبداعي العربي يخلو بدوره من أدب اللهو والمجون، فبجرّة قلم يتخيّل أعوان الرقابة وأوصياء ثقافة المنع والمصادرة إمكانيّة محو القصائد "الخليعة" لأبي نؤاس وحذف الليلة السادسة عشرة من الإمتاع والمؤانسة للتوحيديّ وما إلى ذلك..
إنّها ثقافة المنع أضحت منتشرة في ربوعنا العربيّة إلى درجة لا تـُحتمل.. صحيح أنّ لكلّ عصر أوصياء ديدنهم المنع والتحريم.. ولكنّ المُفزع أنّ هذا البؤس الثقافي أصبح جدّا منتشرا لا وحسب بين الشيوخ الملتحين وأصحاب العمامات وإنّما أيضا في أوساط الموسيقيين والمبدعين والفنانين أو أشباههم.. وكلّما زادت وتيرة ثقافة المصادرة والمنع إلاّ وازدادت فرص انتشار الفنّ الهابط والمبتذل وهيمنته..
ملاحظة: قرأت خبر (منع كارول سماحة من الغناء في مصر) في صحيفة "الثورة" السوريّة. وبما أنّ هذه الصحيفة تخصّص حيّزا للتعليق على المقالات والأخبار التي تنشرها فقد بادرت تلقائيا بكتابة هذا التعليق.. وقد تأخر نشره لسبب لا أعلمه بفادرت بالتوسع في التعليق المذكور ونشره في المدوّنة
تصحيح : نشرت الصحيفة السورية التعليق، وهذا هو الرابط :

(مصدر الصورة: www.alarab.co.il)

- وصيّة مبدع ومثقف عربي

وصيّـة حنـا مينـه
وصيّة حنا مينه كما نُشرت في صحيفة "تشرين" السوريّة حرفيّا، فهي لا تحتاج إلى تعليق..
تقديم الصحيفة للوصية
أطال الله في عمر كاتبنا الكبير حنا مينه الذي أرسل لنا ما اعتبره «وصية». ونحن إذ ننشر ما جاد به قلمه بعد غياب، فإنما نفعل ذلك مندفعين برغبة في عودته إلى القراء، وليس لإذاعة «سر الوصية»، فقد اشتقنا إلى ثلج يأتي من النوافذ، وإلى شراع يبحر وسط عواصف هذا الزمن الذي وجد نفسه فيه، فقاومه وسخر منه وكان مؤرخاً لسنواته العجاف فكتبه على ضوء مصابيحه الزرق.
كتب حنا مينه يقول:
أنا حنا بن سليم حنا مينه، والدتي مريانا ميخائيل زكور، من مواليد اللاذقية العام 1924، أكتب وصيتي وأنا بكامل قواي العقلية، وقد عمّرت طويلاً حتى صرت أخشى ألا أموت، بعد أن شبعت من الدنيا، مع يقيني أنه «لكل أجل كتاب».
لقد كنت سعيداً جداً في حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور، وأنا منذور للشقاء، وفي قلب الشقاء حاربت الشقاء، وانتصرت عليه، وهذه نعمة الله، ومكافأة السماء، وإني لمن الشاكرين.
عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يذاع خبر موتي في أية وسيلة إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطاً في حياتي، وأرغب أن أكون بسيطاً في مماتي، وليس لي أهل، لأن أهلي، جميعاً، لم يعرفوا من أنا في حياتي، وهذا أفضل، لذلك ليس من الإنصاف في شيء، أن يتحسروا علي عندما يعرفونني، بعد مغادرة هذه الفانية.
كل ما فعلته في حياتي معروف، وهو أداء واجبي تجاه وطني وشعبي، وقد كرست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض، وبعد أن ناضلت بجسدي في سبيل هذا الهدف، وبدأت الكتابة في الأربعين من عمري، شرّعت قلمي لأجل الهدف ذاته، ولما أزل.
لا عتب ولا عتاب، ولست ذاكرهما، هنا، إلا للضرورة، فقد اعتمدت عمري كله، لا على الحظ، بل على الساعد، فيدي وحدها، وبمفردها، صفقت، وإني لأشكر هذه اليد، ففي الشكر تدوم النعم.
أعتذر للجميع، أقرباء، أصدقاء، رفاق، قراء، إذا طلبت منهم أن يدعوا نعشي، محمولاً من بيتي إلى عربة الموت، على أكتاف أربعة أشخاص مأجورين من دائرة دفن الموتى، وبعد إهالة التراب علي، في أي قبر متاح، ينفض الجميع أيديهم، ويعودون إلى بيوتهم، فقد انتهى الحفل، وأغلقت الدائرة.
لا حزن، لا بكاء، لا لباس أسود، لا للتعزيات، بأي شكل، ومن أي نوع، في البيت أو خارجه، ثم، وهذا هو الأهم، وأشدد: لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذه التآبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة إلي، استغيث بكم جميعاً، أن تريحوا عظامي منها.
كل ما أملك، في دمشق واللاذقية، يتصرف به من يدّعون أنهم أهلي، ولهم الحرية في توزيع بعضه، على الفقراء، الأحباء الذين كنت منهم، وكانوا مني، وكنا على نسب هو الأغلى، الأثمن، الأكرم عندي.
زوجتي العزيزة مريم دميان سمعان، وصيتي عند من يصلّون لراحة نفسي، لها الحق، لو كانت لديها إمكانية دعي هذا الحق، أن تتصرف بكل إرثي، أما بيتي في اللاذقية، وكل ما فيه، فهو لها ومطوّب باسمها، فلا يباع إلا بعد عودتها إلى العدم الذي خرجت هي، وخرجت أنا، منه، ثم عدنا إليه.
صحيفة "تشرين" السوريّة، الاثنين 18/08/2008
(مصدر الكاريكاتير: حسن إدلبي - صحيفة "الثورة" السورية)

2008-08-22

- كاريكاتير اليوم: مسلسل نور وقضايا الأمّة..!

مسلسل نور كما يراه بعض رسّامي الكاريكتير العرب.. دون تعليق..

رسّام الكاريكاتير عماد حجّاج (جريدة "الغد" الأردنية)

*****

رسام الكاريكاتير أشرف حمدي (Mashy.com)

- مسلسل نور التركي المُعرّب.. قراءة مختلفة..

التنظير الإعلامي.. وثقافة الوصاية..
أينما ذهبت زمن بثـّه، إلى بيتك أو بيت أحد أقاربك أو أصدقائك، لاحظت معظم الوجوه كبارا وصغارا مُشرئبة نحو الشاشة حريصة على متابعة كلّ جزئيّة في حياة أبطال المسلسل التركي المُعرّب.. بطلا المسلسل -وقد أعطيا اسمين عربيّين نور ومهنّد- أصبحا بمثابة بطلين قوميّيْن في البلاد العربيّة جميعها، ممّا جعل الكثيرين يرون في ذلك ظاهرة اجتماعيّة جديدة مثيرة للقلق..
يبدو أنّ تلك المعايير الأخلاقيّة قد أخطأت هدفها مُجدّدا..
والحقيقة أنّ متابعة الجماهير العربية العريضة لهذا المسلسل لا تـُعدّ ظاهرة اجتماعيّة جديدة لم تحدث من قبل، فهو من قبيل سائر المسلسلات ذات المنشأ أو الطابع الأمريكي مثل مسلسلي "دالاس" و"ديناستي" ومن بعدها المسلسلات المكسيكيّة المُتطبّعة بدورها بطابع أمريكي، بل في رأيي أنّ لهذا المسلسل العديد من أمثاله في الدراما العربيّة التي لا تنقصها أحيانا سوى بعض الإمكانيّات الماديّة لا أكثر لإنتاج أعمال مماثلة تخضع لمنطق السوق وحسابات الربح والخسارة...
ورغم هذا المُعطى التجاري المهيمن على هذا المسلسل وأمثاله، أصبحت لا أعتقد في جدوى ذاك الكمّ الهائل من الكتابات المنتقدة لهذا المسلسل والمشدّدة على ما يعكسه مضمونه من نظرة دونيّة للمرأة العربيّة بغضّ النظر عن الفئة الاجتماعيّة التي تنتمي إليها.. وما يرسمه من مكانة وضيعة لضعفاء الحال.. وما يروّجه من أحلام وهميّة بسرعة الثراء السهل وغير المرتبط بالكفاءة والجهد.. وما إلى ذلك من السلبيات المجتمعة في مسلسل نور وفي مُقدّمتها إلهاء الناس عن الاهتمام بقضاياهم الحقيقيّة... فمن يكيل الانتقادات والاتهامات المُختلفة لهذا المُسلسل يُقبل كالغالبيّة على مشاهدته.. لماذا إذن نؤاخذ الناس على فعل أشياء نحن أوّل من يأتيها.. إنّها الوصاية بعينها التي تـُوهم البعض بأنّ لهم الحق في تحديد ما يجب أن يحبّه الناس وما يجب أن يكرهوه.. وأنا نفسي لو لم أشاهد لقطات عديدة من بعض حلقات المسلسل لما كنت قادرا على فهم أو محاولة فهم طبيعة هذا الاهتمام الملفت للانتباه بالمسلسل التركي وأبطاله..
من يُشاهد المسلسل قد يجد صعوبة في تأمين ما يحتاجه من مستلزمات معيشيّة مختلفة أو حتّى في سدّ رمقه، ومع ذلك فإنّه يعود من الغد إلى واقعه اليومي ويتوجّه كالعادة إلى مكان عمله.. أرى في هذا السلوك غير الجديد نوعا من التنفيس على المواطن العربي في ظلّ ما يعانيه من كبت على أصعدة متعدّدة..
وفي هذا السياق ذاته، هناك فرضيّة أخرى يُؤكّدها انتشار هذا المسلسل في أوساط واسعة من المشاهدين العرب، وهي أنّه على خلاف ما يُروّج غالبا باسم التراث العربي الإسلامي، فإنّ الطابع البشري التائق إلى التحرّر والانعتاق من مختلف المحرّمات هو الغالب في نهاية المطاف بصرف النظر عن التقاليد السائدة والإيديولوجيات المختلفة.. فالكبت الاجتماعي لا يُتيح مُطلقا توقف التاريخ.. ويُمكن أن نستدلّ على ذلك مثلا بالإقبال الواسع على مشاهدة هذا المسلسل في الأسر السعوديّة رغم الفتاوى الوهابيّة الغليظة التي حرّمت بثّ هذا المسلسل ومشاهدته مثلما حرّمت سابقا بيع الورود الحمراء واقتنائها..
رُكام من التنظير الإعلامي، رغم ما يكتنف بعضه من صحّة، يبدو في النهاية عديم الفائدة وكـ"النفخ في قِرَبٍ مثقوبة" حسب المثل التونسي.. معظم الجمهرة تشاهد المسلسل، فلماذا لا تـُترك لحالها وأحلامها وأوهامها.. صحيح أنّ الأنظمة القائمة قد يروق لها ذلك، ولكن فلتفعل.. ماذا سيتغيّر في الأمر.. !!

2008-08-21

- Intellectuels, responsabilité, engagement

"Être intellectuel, c'est d'abord batailler contre son époque"
Albert Camus
Les intellectuels d'aujourd'hui partagent-ils l'avis d'Albert Camus ?
J'en doute. Qu'en pensez-vous ?

- فؤاد نصّار.. أحد أبطال مصر وشهدائها

تحيّة إلى ذاك الجندي المجهول..

في بلادنا العربيّة هناك أبطال مجهولون، لم ينالوا ميداليّات ذهبيّة في الألعاب الأولمبيّة، ولم تـُوشـّح صورهم يوما الصحف وسائر وسائل الإعلام.. بطولتهم تكمن في آدائهم للواجب بكلّ ما في هذه الكلمة من معنى.. تجد فيهم العامل البسيط، ورجل المطافي، والمُدرّس، والصحفي، والخبّاز، والبحّار، والمهندس، وربّة البيت.. قد لا يعرف بعضهم معنى اليوم الأوّل من شهر ماي كلّ عام ولكنّهم في أيّ حال لا ينتظرون أوسمة العامل المثالي..
كلّ هؤلاء بمثابة ذاك الجندي المجهول الذي فـُقِـد في ساحة المعركة إيمانا بمعان نبيلة دون أن يعرفه أحد، ودون أن نحتفي به كثيرا في هذي البلاد العربيّة، حتى أنّ هذا المعنى يكاد يكون مجهولا لدى شبابنا على أساس أنّه -في رأي "الكبار"- يُعدّ معنى غربيّا دخيلا على ثقافتنا وتراثنا العربي..
فؤاد نصّار، جندي الإطفاء الذي تـُوفّي داخل مبنى البرلمان المصري المحترق أثناء أداء واجبه حتى النهاية إلى جانب عدد من زملائه الذين أصيبوا في الكارثة دون أن يُساورهم الخوف، هو وهم بمثابة ذاك الجندي المجهول..
فؤاد نصّار.. أنت أشجع منّا، أنت بطل لا يحتاج لا إلى أوسمة ولا إلى ميداليّة..
لك منّا وردة ننثرها على قبرك.. رحمك الله..
(مصدر الصورة: أ. ف. ب.)

2008-08-20

- حريق يأتي على ذاكرة مصر البرلمانية

كنوز البرلمان تذهب هباءً منثورًا..!!
مُحزن جدّا ما حلّ بالعاصمة المصريّة أمس، سحابة كثيفة من الدخان خيّمت على سماء القاهرة وألبستها ثوبا رماديّا... حريق هائل أتى على أجزاء هامّة من مبنى البرلمان المصري الكائن وسط القاهرة. التهمت ألسنة النيران ما لا يمكن تعويضه، عدد كبير من الوثائق القديمة والحديثة تؤرخ للحياة النيابية في مصر.. تفحّم مقتنيات أثرية ومكتبات نادرة كانت تـُعطي الحياة لمبنى مجلس الشورى المصري الذي يعود تشييده إلى بداية القرن الماضي...
لا أرغب في تكرار حديث عن تقصير خلايا الإنذار والفرق المتخصّصة في مواجهة الأزمات والكوارث وعن الإمكانيّات البدائيّة لقوات الإطفاء والدفاع المدني.. فتلك أشياء أضحت مألوفة في بلادنا العربية.. كما أنّ الحرائق يمكن أن تحدث بدرجات متفاوتة في أيّ مكان.. والحقيقة أنّ السلطات المصريّة لها تجربة رائدة في مجال الفشل في مكافحة الكوارث، بدءا بانهيار المباني الخاصّة والعامّة ومرورا بحوادث تصادم القطارات أو انقلابها وغرق العبّارات وراكبيها ووصولا إلى احتراق المنشآت العامّة وحتى احتراق أحد المسارح بمن فيه من بعض فنانين وجمهور... ما أودّ الإشارة إليه يستند إلى ما قرأت عنه في جريدة "الشرق الأوسط" اللندنيّة، فالحريق دمّر بالكامل ما يُسمّى بمبنى الري في البرلمان المصري الذي يضمّ أساسا مقر الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ومقر الكتلة النيابية لجماعة الإخوان المسلمين، وقد انطلق الحريق من هذا المكان بالذات قبل أن يمتدّ إلى مبنى مجلس الشورى المجاور له، ثمّ لحق ببعض الأجزاء من مجلس الشعب.
بَدَتْ لهذه المصادفةً دلالات غير خافية.. فأن يأتي الحريق أوّلا وبشكل كامل على هذين الجزأين من البرلمان المصري، وأن يقضي في هذا الحرم على مقرّي قوّتي الشدّ إلى الخلف في مصر "الحديثة".. وكأنّ النيران قد ضجرت بدورها من الكوارث والاستبداد والتعصّب الأعمى اللذين ما فتئا يفرضانها على الشعب المصري.. الأمر خال دون شكّ من أيّ نظرة عقلانيّة، لكن هذه الصدفة أبت إلاّ أن تـُذكّرنا بمأساة السياسة في مصر ومن ورائها بقيّة البلاد العربيّة...
المُؤسف كثيرا ليس احتراق هذين المقرّين الحزبيين فليذهبا إلى الجحيم في رأي المواطن المصري الذي يهتمّ اولا بما يسدّ رمقه.. تفحّم هذيم المقرّين ليس مؤسفا لأنّ السلطات المصريّة ستـُخصّص بفائق السرعة الأموال اللازمة لإعادة بنائهما ما دام الأمر يتعلّق ببعض قشور لا تمسّ مطالب كافرة مثل الحاجات العاجلة للشعب المصري التي يتمّ تأجيلها دائما إلى مدى غير محدّد...
الأسف كلّ الأسف على إتلاف جزء من التاريخ السياسي لمصر وذاكرة شعبها الطيّب الخلوق... وثائق تاريخيّة ومقتنيات أثريّة ومكتبات نادرة.. كلّها ذهبت هباءً منثورا في مياه النيل، عساها تكون نذرا لغد مصريّ جديد...
(مصدر الصورة: أشوسايد برس)

- أعداء الفكـر والحريّـة

شاهين، درويش ومحترفو الكراهيّة والتكفير

لكلّ ثقافة أو حضارة مستنيروها وظلاميّوها. فالمستنيرون هم نخبة تعي عصرها وتستفيد من تراثها وتسعى إلى النهوض بمجتمعاتها وتروّج لقيم المساواة والاختلاف والتنوّع والتجاوز والتسامح وترفض الانغلاق والجمود بما يتعارض مع منطق التاريخ الذي لا يمكن أن يتوقف بل يتسم بالتغيّر والتغيير والتطوّر المستمر.. أمّا الظلاميّون فهم المتعصّبون ممّن يزعم امتلاك الحقيقة الواحدة لا غيرها، وبكلّ الوسائل المشروعة والممنوعة يعمل على فرض حقيقة واحدة "مقدّسة"، وهم من يرفض الاختلاف بدعوى توقي الفتنة، وهم كذلك من يعتقد أنّ لهم صكّا أبيض يهبون به الرحمة لمن شاؤوا ويكفّرون من تجرّأ على مخالفتهم أي رأي بتكليف مزعوم من الربّ الأعلى لتوجيه جماعات "المؤمنين" وجلد "الكفار" المناوئين.

هؤلاء الظلاميّون لم يخل منهم عصر، لكن تغالبهم تارة التقية فيُعشّشون ترقبا لفرصة سانحة، ويتجاسرون طورا على الجميع عندما يعتقدون بأنّهم أضحوا أغلبيّة... اهتمامي بهذا الموضوع يأتي على خلفيّة ما طالعته منذ نحو أسبوعين عند وفاة المخرج السينمائي العربي الرائد يوسف شاهين، فقد قرأت ما جاء في قول أحد الكتبة بأنّ "يوسف شاهين مسيحي لا يجوز الترحّم عليه، كما أنّ أفلامه روّجت للمسخرة والفسق والكفر". ورغم فداحة هذا القول ولم أشأ أن أكتب في الموضوع منذ بدايته هذه لأنني اعتقدت أنّ المسألة لا تعدو أن تكون سوى مهاترات صبيانيّة موجودة دائما هنا وهناك دون أن ترتقي إلى مستوى المواقف المعلنة لبعض الجماعات. أمّا أن يُصبح الأمر منهجيّا ونلحظ وجود رغبة مُعلنة لدى بعض التنظيمات الرسميّة في الترويج لثقافة الحقد والكراهيّة بأساليب فجّة تعليقا على وفاة أعظم الشعراء العرب خلال القرن العشرين محمود درويش، فقد أصابنا ذلك في مقتل، ولا مجال لممارسة سياسة النعامة إزاء فئة لا تخجل من الادّعاء بأنّها تعكس إجماع الأمّة فتقصي كلّ من يُخالفها الرأي زاعمة أنّها صوت الحقّ أمام حقّ السطوة...

لقراءة النصّ الكامل لمقال معز زيّود، يُرجى النقر على الرابط التالي:

http://docs.google.com/Doc?id=d8w65wb_0dfkczcpm

(مصدر الصورة: www.lematindz.net)