ككلّ عام يتجلّى البؤس العربي المقيت في تحديد أوّل أيام شهر رمضان، فهذه الدولة تعتمد الرؤية والتحرّي لرصد الهلال وتلك تعتمد القواعد والحسابات الفلكيّة، وأخرى تزعم بأنّها تعتمد الحسابات العلمية في حين أنّها أبعد ما يكون على ذلك.. وهذه بعض الدلائل على قمّة التخلّف الذي تـُعانيه هذه البلاد جمعاء:
- في ليبيا : أعلن "مركز الدراسات الفلكيّة" منذ الأمس أنّ اليوم الأحد هو أوّل أيّام شهر رمضان، وذلك على أساس الحسابات الفلكيّة، في حين أنّ الحسابات الفلكيّة براء من هذا الزعم لأنّ اليوم الأوّل من رمضان حسب ما هو محدّد حسابيّا هو يوم الإثنين.
- في معظم دول الخليج ودول المشرق العربي عموما تمّ الاتفاق هذه السنة بفعل الصدفة والسياسة على أنّ يوم الإثنين هو أوّل أيام رمضان، فقد عملت أجهزتها الرؤيويّة مساء أمس السبت. وبطبيعة الحال فإنّ تلك الأجهزة لا علاقة لها بشأن العلوم والحسابات الفلكية وأيّ حسابات أصلا باستثناء الحسابات الضيّقة للربح والخسارة!!
- في تونس والجزائر: لم نسمع بعد أي توقّعات، لأنّ الرؤيا تجرى مساء اليوم الأحد، ولذلك بالإمكان نظريّا أن يتمّ إرجاء اليوم الأوّل من رمضان إلى الثلاثاء. وتونس تحديدا نابهة نابغة في الوسطيّة، فهي تعتمد الحسابات (المحدّدة بكلّ دقة منذ الأزل) لتحديد اليوم الأوّل لا لرمضان وإنّما لإجراء الرؤية.
في المغرب : لم يتمّ بعد -حسب علمنا- تحديد مصير اليوم الأول من رمضان، ولكن وفق ما تعوّدنا عليه فإن بداية شهر رمضان يمكن أن تتأخر إلى يوم الإثنين تماما كما حدث في المغرب في السابق بالنسبة إلى العيد الذي تأخر ثلاثة أيام عن الدول العربية الأخرى. الشعب المغربي ليس عليه أيّ حرج دون شكّ، فالمسؤولية ملقاة على عاتق "أمير المؤمنين"...
- في لبنان كما في العراق : يختلف اليوم الأوّل لشهر رمضان باختلاف الطوائف، فمن العلامات الفارقة مثلا أنّه -على خلاف الدولة اللبنانيّة التي تتبع ما تـُقرّه السعودية لزوما- يُعلن المرجع الديني الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله سنويا بشكل مسبق اليوم الأوّل لشهر رمضان بالنسبة إلى المسلمين في مختلف أنحاء العالم وذلك استنادا فقط إلى الحسابات العلمية الفلكيّة.. إنها نقطة ضوء وإنصاف للعلم في هذه البلاد..
أمرها غريب هذه البلاد، دأبُها المكابرة السخيفة والتشبّث بأبجديّات التخلّف.. هذا عموما بعض مضمون أثاره فِيّ كاريكاتير عماد حجاج..
على كلّ، رمضانكم كريم، أعاده الله عليكم باليُمن وموفور الصحّة والبركة...
(مصدر الكاريكاتير : عماد حجاج، صحيفة "القدس العربي" في عددها الصادر اليوم الأحد، نقلا عن موقع www.mahjoob.com)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق