2007-04-27

ربع ساعة في مطار تونس قرطاج

حالة من الاستياء انتابتني بالأمس في مطار تونس قرطاج، كانت الباعث وراء إطلاق هذه المدوّنة التي اخترت لها اسم "بلا حدود" لأنني لم أحدّد بعد المجالات أو القضايا الممكن تناولها في هذا الحيّز الافتراضي. والحقيقة أنّني كثيرا ما أجلت مسألة إطلاق مدوّنة خاصة بي حتى تكون في مستوى لائق من حيث ما تتضمنه من آراء وشهادات ومواقف وربّما من مقالات وبحوث ودراسات، وهذا هو الأهمّ في تقديري شخصيّا بالنسبة إلى من أراد أن يُخرج ما يعتمل في داخله من مواقف وأفكار إلى الحيّز العام أي إلى المجال الذي يشترك فيه مع أيّ شخص آخر تُتاح له إمكانيّة الإبحار في هذه المدّونة وفي الشبكة عموما؟؟؟
حادثتان لا يفصل بينهما سوى بضع دقائق، كنت في المطار المذكور نحو الساعة الثامنة مساء مع صديق لي لتوديعه، توجهنا إلى أحد البنوك في الطابق العلوي لتغيير العملة فطلب منّا الموظف المشرف على ذلك المصرف التوجه إلى الطابق الأرضي، وسرعان ما توجّه بدوره إلى المصرف الذي يعمل فيه بالأسفل، وأمام الطوابير الطويلة نسبيا أمام البنوك الأخرى توجهنا إليه في مكتبه السفلي لمدّه بجواز السفر وتغيير العملة، ولكن ما كان منه إلاّ أن أغلق باب المصرف في وجهينا قائلا: مغلق، استغربنا من أسلوب تعامله الحضاري جدا معنا !! ووقفنا في الطابور المجاور لمصرفه، وبعد دقيقتين أو ثلاث لاحظنا أنه استقبل بترحاب بضعة سياح أوروبيين وقدم لهم الخدمة التي رفض بامتعاض إسداءها إيّانا، ما معنى هذا ألمجرّد أنّنا تونسيون من أبناء بلده رفض أداء واجبه إزاءنا متجاوزا صلاحياته دون أدنى اكتراث، أو ربّما طمعا في شيء ما قد يتكرّم عليه به هؤلاء السياح الأجانب أم ماذا؟؟؟
أمُرّ إلى الحادثة الثانية دون تعليق عن الأولى؟؟؟
على إثر تغيير العملة في مصرف آخر، توجهنا إلى مكتب تسجيل الحقائب وتذاكر السفر، ولم يكن بحوزة صديقي سوى حقيبة صغرى سيحملها معه إلى الطائرة، وبما أنّ المكان كان شاغرا من مسافرين آخرين توجهنا مباشرة إلى الموظفة للتسجيل وتأكيد الحجز، فما كان منها إلاّ أن خرجت من طورها وخاطبتنا دون ذرّة من الحياء الذي تُعرف به المرأة التونسيّة المكافحة، قائلة: "ما تفهموش ثمّه خط أصفر تقفوا وراءه" اغتظت قبل صديقي وطلبت منها أن تحترم المقام قليلا وتكفّ عن الهذيان، وتدخّل زميل لها له من الوقار ما جعله يُطالبها بالهدوء واحترام المسافرين ويأخذ على نفسه بالاعتذار بدلا منها، هكذا بكلّ بساطة اتهمتنا بأنّنا لا نفهم ولا نفقه شيئا في أدبيات النظام والاحترام للقوانين واللوائح والألوان الأرضيّة البارزة؟؟؟
أي نعم، إنها الأخلاق التي تحدّث عنها أحمد شوقي في زمن مضى، تذهب اليوم أدراج الرياح بغضّ النظر عن تغيّر الألوان، هنا أم هناك، صفراء أكانت أم حمراء.. فالأزمة هي قبل كلّ شيء أزمة أخلاق وعقليّة عامّة؟؟؟
تحيّة في أعقاب هاتين الحادثتين لكلّ من الشركة التونسيّة للبنك وشركة الخطوط التونسيّة؟؟؟