2009-10-30

- واقع "الصحافة الإلكترونيّة" في تونس

تطوّر الإعلام الإلكترونيّ في تونس.. لا مفرّ منه*

بقلم معز زيّود
رغم الازدهار المطّرد الذي ما فتئت تشهده الصحافة الإلكترونيّة بفضل التطوّر المتسارع لتكنولوجيّات الإعلام والاتصال فإنّها مازالت تعدّ قطاعا ناشئا، لا في تونس وحسب وإنّما في العالم بأسره.. فتطوّر الفضاء الافتراضي يُسابق سرعة الصوت وأضحى من الصعب أن تجاريه أيّ منظومة قانونيّة في العالم، لكنّه أصبح أيضا واقعا معيشا يدركه مستخدمو الانترنات يوميّا. وفي هذا النطاق تحديدا يمكن إدراج الصحافة الإلكترونيّة التونسيّة، فهي ملزمة بألاّ تشذّ عن القاعدة بالاستفادة قدر الإمكان من التطوّرات المتلاحقة ذات الصلة. فمستقبل المشهد الإعلامي، في تونس كما في أيّ بلد آخر، مرتبط إلى حدّ ما بمدى القدرة على رفع التحديّات المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال.
ومن الأهميّة بمكان الوعي بأنّ تنظيم الصحافة الالكترونية لا يعني الحدّ من حريّتها أو تقييدها، وإنّما ينزع إلى حمايتها من الفوضى المعلوماتيّة غير المحتكمة إلى أيّ ضوابط أخلاقيّة ويجنّبها السقوط في اعتبارات ليست من الإعلام في شيء مثل التضخيم والمغالطة، بل ويعطي لهذا القطاع الناشئ الآليات الضروريّة سواء على المستوى التنظيمي والقانوني أو على مستوى التشجيعات والحوافز. فقد أضحى التدفّق المعلوماتي ينساب على مستخدمي الانترنات من كلّ صوب وحدب، وفي الأثناء قد يحمل في غالبيّته رسائل ذات مضامين إعلاميّة غير مهيكلة ولا تستجيب لأيّ مواصفات مهنيّة وقد لا يولي أصحابها أيّ أهميّة لأخلاقيات المهنة الصحفيّة. وهذا ما يُعطي للصحافة الإلكترونيّة التونسيّة ولمهنييها دورا متزايد الأهميّة وفي الآن ذاته يلقي على عاتقها مسؤوليّة ذات بال.
فلئن كانت حريّة الرأي والتعبير رديفا للصحافة الإلكترونيّة وعنصرا حيويّا لانتشارها، فإنّ ذلك يندرج بالضرورة في سياق ما ينبغي أن تتسم به أي وسيلة إعلام من مِهَنيّة ومسؤوليّة وجودة سواء على مستوى المضامين أو التقنيات المعتمدة. وهذا كفيل بأن يُتيح للصحافة الإلكترونيّة التونسية الاضطلاع بدورها في الاستجابة لانتظارات مستخدمي الانترنات التونسيين المتزايد عددهم بكثافة في كلّ لحظة.
الإعلام الإلكتروني كما وصفناه يُعدّ قطاعا حديث العهد حتى في الدول الغربيّة ذاتها التي شهدت احتداما للنقاشات حول السبل الكفيلة بتنظيمه بل لم تقم معظمها بتقنينه إلى حدّ اليوم. وعلى سبيل الذكر فإنّ فرنسا لم تقم سوى بإدراج تعريفات قانونيّة بسيطة خاصّة بالإعلام الإلكتروني طيّ قوانين أخرى. ففي شهر جوان 2009 صادق البرلمان الفرنسي على القانون المتعلق بتشجيع الإبداع عبر الانترنات (HADOPI) والهادف إلى مكافحة التحميل غير القانوني للمضامين على الشبكة، متضمّنا فقرة وحيدة تعرّف بالصحافة الإلكترونيّة، وإلى حدّ اليوم لم تصدر الأوامر الترتيبيّة والتطبيقيّة لاعتماد هذا النصّ. كما لم يتمّ إدراج تعريف للصحفي العامل بصحيفة إلكترونيّة في مجلة الشغل الفرنسيّة سوى في عام 2008.
وفي تونس يحتاج تشخيص الواقع الحالي للصحافة الإلكترونيّة عموما إلى أكثر من ورقة ودراسة، ولكنّ إحداث النقلة النوعيّة المرجوّة للقطاع يحتاج قبل ذلك إلى المزيد من الصمود والبذل من قبل المهنيين. ولهؤلاء مطلبان أساسيّان اليوم وهما الاعتراف الرسمي عبر إسناد بطاقات الصحفي المحترف للعاملين بالقطاع من جهة وتمكين تلك المؤسّسات الإعلاميّة من الإشهار العمومي من جهة أخرى. واعتبارا إلى أنّ الصحافة الإلكترونيّة أضحت واقعا في تونس فإنّ تسوية الأوضاع العالقة لم تعد سوى مسألة وقت وجيز، ولاسيّما بعد أن الإعلان الرسمي عن تنظيم القطاع بشكل يتيح له مواكبة التحوّلات السائدة.
وفي مقدّمة المحاور التي تنبغي لها الأولويّة في عمليّة تنظيم القطاع هي ضبط تعريف محدّد للصحيفة الإلكترونيّة وتحديد مواصفاتها الأساسيّة، فهي موقع إلكتروني له خصوصيّاته ويختلف عن المواقع المؤسّساتيّة أو المواقع التجاريّة أو المواقع الشخصيّة كالمدوّنات أو الشبكات الاجتماعيّة الافتراضيّة. وفي تقديري يمكن تعريف الصحيفة الإلكترونيّة إجمالا بأنّها «موقع إلكتروني ذو مضامين إعلاميّة، يُديره شخص طبيعيّ أو معنوي، ويتمثل نشاطه الأساسي في إنتاج مضامين إخباريّة ذات مصلحة عامّة تُقدّم إلى العموم بمقابل أو بدونه، ويتمّ تحيينه بشكل دوريّ وفق المعايير المهنيّة ولا يُشكّل أداة للإشهار أو فرعا لنشاط صناعي أو تجاري». ورغم ندرتها فإنّه بإمكاني التأكيد أنّه توجد صحف إلكترونيّة تونسيّة تستجيب إلى هذه المواصفات. ومع هذا يمكن أن نتساءل هل أنّ ذلك كفيل لوحده بتحقيق التطوّر والانتشار للصحافة الإلكترونيّة في تونس؟
من أبرز سمات المبحر على الانترنت اليوم حسب ما توصّلت إليه العديد من الدراسات أنّه مستخدم «كسول» و«متسرّع» وعلى عجلة من أمره، فهو ما ينفكّ ينتقل من موقع إلى آخر حتى يجد ضالته في موقع يشدّ اهتمامه ويستجيب إلى انتظاراته، إذ قد لا يكفي أن ينشر الموقع سبقا صحفيّا ومضامين جادّة حتى يضمن إقبال المستخدمين على تصفّحه. ولذلك على الصحف الإلكترونيّة في تونس أن تسعى قدر الإمكان إلى ربط علاقات متينة مع المبحرين، وذلك بفضل تأمين عدد من الخدمات التفاعليّة مثل الرسائل الإخبارية والتعليق على المضامين وسبر الآراء والمنتديات التي ترسم جسورا بين الصحفيين والمستخدمين، فضلا عن إلزاميّة الإسناد والترويج الإلكتروني للموقع لتسهيل اعتماده في محرّكات البحث (Référencement) وغير ذلك كثير... فقد أصبحنا اليوم نتحدّث عن «إعلام إلكتروني» لا فقط عن صحافة إلكترونيّة لأنّ هذا القطاع لم يعد يشمل النصّ والصورة فحسب وإنّما أيضا الصوت والفيديو والروابط الفائقة المبثوثة في متن المضامين وما إلى ذلك بما أضحى يُعرفُ اختزالا بـ(Rich media) أي «إثراء المضامين». ويعدّ بلوغ هذا التطوّر الضروري رهانا في حدّ ذاته، على الصحافة الإلكترونيّة في تونس أن تعمل ما في وسعها من أجل كسبه.
وفي هذا المضمار، لا ينبغي أن نخجل من الإقرار بأنّ عددا من الصحف الإلكترونيّة التونسيّة تشكو سلبيات تحتاج إلى المراجعة، فالوقوف على بعض النقائص بمثابة السبيل إلى تجاوزها. ويمكن أن نشير في هذا السياق إلى محدوديّة التأطير المهني للصحفيين الشبان العاملين بها وكذلك شبه غياب عناصر التفاعليّة وأيضا ضعف الإنتاج الذاتي بالنسبة إلى بعض المواقع مقابل إفراطها في نسخ برقيات وكالة تونس إفريقيا للأنباء دون ذكر المصدر، وكذلك عدم توقيع المقالات المنشورة بالنسبة إلى عدد منها واعتمادها على الشخص الواحد بما ينفي صفة الصحيفة الإلكترونيّة عن بعضها. وفي المقابل، فإنّ عددا من الصحف الإلكترونيّة رغم حداثة إنشائها فإنّها أضحت تنافس بجديّة الصحافة التقليديّة، وما فتئت تنشر سبقا صحفيّا إثر آخر، ممّا عرّض بعض مضامينها إلى «الاستنساخ» من قبل عدد من الصحف التقليديّة. وقد أدّى هذا التطوّر بعد إلى جعل بعض الصحف الإلكترونيّة التونسيّة تحظى بنسبة إقبال من المبحرين على الانترنت أكثر من عدد قرّاء بعض الصحف اليوميّة الورقيّة التونسيّة.
ومن بين المؤشّرات الأخرى التي تنبئ بمستقبل أفضل لقطاع الصحافة الإلكترونيّة في تونس نذكر تلك المواقع ذات المضامين الإعلاميّة التي يُقبل على إطلاقها خرّيجون جدد من معهد الصحافة وعلوم الإخبار ممّن اختصّوا في مجال الصحافة الإلكترونيّة، تلك تجارب جديرة بالاهتمام رغم أنّ أصحابها تعوزهم الخبرة المهنيّة اللازمة، فقد ارتمى بعضهم في حضن المغامرة رغم أنّ الدراسة في هذا الاختصاص لا تتجاوز العام الواحد... ويمكن أن نتصوّر مدى الجدوى التي سيجنيها القطاع إن تمّت الإحاطة بهؤلاء على مستوى التدريب والإشراف المهني الصرف وكذلك كيفيّة التصرّف في إحداث المؤسّسات ذات الصلة وإعطاؤهم الآليّات الكفيلة بإنشاء مواقع إعلاميّة قابلة للصمود والتطوّر.
إنّ التفاؤل عموما بمستقبل أفضل للإعلام الإلكتروني في تونس يحتكم إلى مؤشّرات غير قابلة للدحض، لأنّها أوّلا محكومة بمسار التطوّر المتسارع الذي يشهده هذا القطاع في العالم بأسره، وخاصّة بالنظر إلى التحوّلات الطارئة على عادات التلقي والمشاركة الفاعلة لدى جمهور وسائل الإعلام، وثانيا لأهميّة تشريك المهنيين مستقبلا في تطوير القطاع باعتبار ذلك ضرورة يمليها الوعي بأنّ أداء أصحاب المهنة هو موضوع أيّ تقنين لأنّ الصحفيين المحترفين من ذوي الاختصاص والخبرة أقدر من غيرهم على إدراك ظروف الإنتاج الصحفي بشكل عام والصحافة الإلكترونيّة بشكل خاص، وبعيدا عنهم قد تختلط السبل ويفقد تنظيم القطاع جدواه.
* نُشر هذا المقال بجريدة "الصحافة" اليوميّة التونسية بتاريخ 29 أكتوبر 2009

2009-10-09

- نوبل لأوباما وأوباما لنوبل.. والمصالح السياسية المفضوحة

جائزة نوبل للسلام لـ"باراك أوباما" : عنوان جديد للاستغباء السياسي الدولي

حاز الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم الجمعة جائزة نوبل للسلام نظير "جهوده الكبرى لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب" حسب تعليل لجنة إسناد الجائزة। حقيقة لم يعد يُساورني سوى الاشمئزاز من الضحك على الذقون الذي تمارسه مؤسّسة جائزة نوبل نظرا إلى اعتمادها اعتبارات سياسويّة ومصلحية فاضحة في إسنادها جوائزها

كيف تُسند هذه الجائزة لرئيس دولة لم يمض على استلامه مقاليد الحكم سوى تسعة أشهر؟؟ فبعد سريان ما سميته سابقا بظاهرة "الأوبامانيا" والضجّة المصاحبة للحملة الانتخابيّة الأمريكيّة التي غزت كلّ العالم، لنا أن نتساءل عن الإنجازات التي حققها أوباما في مجال تحقيق السلام في العالم باستثناء الخطابات الحريريّة التي ألقاها هنا وهناك...

من المضحك أن تُسند جائزة نوبل للسلام لأوباما أو لغيره على أساس برنامج سياسي لا على أساس أفعال حقيقيّة.. صحيح مثلا أنّ أمريكا ستغادر العراق، ولكن متى !!! فقط بعد أن دمّرته على جميع الأصعدة، بدءا ببنيته الأساسية ومرورا بتقتيل علمائه والتسبّب في مئات الآلاف من الأرامل والأيتام والمعوقين ووصولا إلى الاستيلاء على منابع نفطه وتنصيب ساسته وتحديد أفق تحرّكهم الأمني والسياسي، بل وارتهان العراق في حاضره ومستقبله!! هل هذا هو الإنجاز الذي سيدفع بمسيرة السلام؟؟؟

لتبيّن انعدام البعد الإنساني في إسناد هذه جائزة نوبل للسلام (وربّما الأصناف الأخرى لهذه الجائزة) يمكن فقط أنّها أُسندت لبعض أشدّ الزعماء الصهاينة تنكيلا بالفلسطينيين، مثل إسحاق رابين الملقّب بـ"مكسّر عظام الفلسطينيين" وشمعون بيريز الذي أمر جيشه بارتكاب مجزة قانا في لبنان لمجرّد رغبته في رفع حظوظه الانتخابيّة، وغير ذلك...

إلغاء الحجّ والنقل الريفي وابتزاز وكالات الأسفار ووباء التخمة !!!

Annulation du pèlerinage des Tunisiens : 10 MDT de manque à gagner pour Tunisair

La décision d’annuler le pèlerinage des Tunisiens pour cette année sauvera le pays de conséquences dramatiques, certes, mais il y a un coût considérable pour les agences de voyage et la compagnie aérienne nationale. Selon les premières estimations de Tunisair, le manque à gagner se chiffre autour de 10 millions de dinars en termes de chiffre d’affaires. Un chiffre nettement en deçà de ce que la grippe A (H1N1) aurait pu coûter au pays, mais on ne fait pas d’omelettes sans casses des œufs. I.F.

Source : Business News

التعليق : صحّة البشر في موازين الربح والخسارة

حتى أصحاب سيّارات النقل الريفي وسيّارات الأجرة الذين يلفّون عرباتهم بأعلام تونس ويرتعون في الطرقات تجنّبا لمساءلتهم من قبل الحرس وشرطة المرور عن "الحمولة الزائدة" من البشر بدعوى حملهم حجّاج بيت الله الحرام ابتغاءً للجزاء والثواب العظيم، حتّى هؤلاء سيخسرون ما كانوا يخطّطون له من أرباح "هامّة" في تقدير الفقراء!!!

وفي عداد "خاسري" أموال الحجيج تنتفض وكالات الأسفار، وقد أخذت هذه الشركات الخاصّة تُروّج -منذ فترة- لتعرّضها لخسائر جمّة وصعوبات ماليّة شديدة بسبب إلغاء العمرة ثمّ الحجّ، وأصبحت تنادي بأنّ السبيل الوحيد لإنقاذها من الإفلاس هو إطلاق الحكوميّة خطّة لدعمها. وهنا يكمن بيت القصيد : ممارسة الضغوط على الدولة لابتزازها في ظرف دقيق سياسيا واقتصاديا كي تسخّر أموال المجموعة الوطنيّة لخدمة مصالح عدد من الشركات الخاصّة. وحسب علمي فإنّ 95 بالمائة من رحلات الحج المنطلقة من تونس لا تنظمها وكالات الأسفار الخاصّة وإنّما شركة الخطوط التونسية.

أمّا إذا اعتمدنا منطق الربح والخسارة الماديّة البحتة، فإنّ الدولة بإلغائها الحجّ هذا العام ستجنّب خزينتها نزيفا من العملة الصعبة يُعادل على الأقل خمسة أضعاف الملايين العشر التي قد تخسرها شركة الخطوط التونسيّة، وذلك بحساب أنّ الحاجّ الواحد قد يُنفق خمسة أضعاف سعر تذكرة السفر.

وبعيدا عن منطق المتاجرة حتى في أجساد البشر، فإنّ التونسيين جميعا استفادوا من إلغاء الحجّ، فقد تجنّبوا احتمال زحف "وباء الخنازير" الذي قد لا ينجو منه إنسان...

وربّما تكون الفائدة أكبر لو يتمّ إعفاء التونسيين بمناسبة الحجّ من ذبح ملايين الخرفان والكباش.. ومع أنّ ذلك يبدو من المحال فإن حدث فربّما تتراجع أسعار اللحوم بعد أن "اشتعلت فيها النيران"، أمّا الخسائر فقد تمسّ أصحاب شركات التوريد قبل الفلاحين والرعاة ومعها قد يتضاءل وباء الاحتكار والتهافت والتخمة، عافاكم الله !!!