2009-03-07

- للمرأة يوم، فماذا عن بقيّة أيّام العام ؟

نِصفـُنا الثاني أم الأوّل ؟!
يُصادف يوم 8 مارس -كما هو معروف- اليوم العالمي للمرأة، ويتمّ الاحتفال باليوم الوطني للمرأة في تونس يوم 13 أوت/أغسطس من كلّ عام. وقد تكون بعض الدول الأخرى قد حدّدت تواريخ مُغايرة ذات دلالات مّا للاحتفال بأيّامها الوطنيّة للمرأة. وفي كلّ الأحوال يتمّ الاكتفاء بيوم احتفالي واحد (وربّما يومين إذا ما أضفنا اليوم العالمي)، في حين قد تختلف مضامين هذا الاحتفال وأغراضه وأهدافه من بلد إلى آخر ومن جهة إلى أخرى...
فتجد التنظيمات النسائيّة في معظمها وخاصّة المستقلّة منها تغتنم هذه المناسبة للمطالبة بإقرار المزيد من الإجراءات التي تكرّس المساواة والشراكة وإيلاء الاهتمام اللازم بالنوع الاجتماعي. أمّا الأنظمة السياسيّة القائمة فهي تنحو في الأغلب نحو استثمار دلالات هذا اليوم لتكثيف دعايتها لما حققته من إنجازات لتمكين المراة...
وبـِغـضّ النظر عن الغايات التي تضمرها هذه أو تلك، تتقدّم "الماكينة" الإعلاميّة جميع الصفوف وتشتغل في كلّ مكان لتعظّم من شأن هذا الحدث، ثمّ يُنسى هذا اليوم وتـُنسى المرأة نفسها بسرعة البرق في اليوم اللاحق ولا تعود ذكراه إلى واجهة الأحداث إلاّ بعد عام بأكمله...
ماذا عن المرأة خلال الأيّام والأشهر الأخرى من كلّ عام؟ من يهتمّ بمشاغل الفتاة العاملة في المصنع والمرأة المُزارعة في الحقل والطالبة في الجامعة والممرضة في المستشفى والشرطيّة في الطريق العام ؟
من ينشغلُ بحقوق هؤلاء وغيرهنّ خلال الأيّام العاديّة من السنة؟ ألا تـُوصف المرأة عادةً بالنصف الثاني (للرجل) ؟ إنّه، بلا ريب، لقب ابتدعه الرجل وعيًا بطلائعيّة دور المرأة في أيّ مجتمع.. لقب يعني نظريّا أنّ الرجل ليس إنسانا مكتملا إذا غاب نصفه الثاني.. فلماذا إذن يتمّ تغييب المرأة؟ ولماذا لا تـُمنح سوى يوم واحد من الاهتمام من ضمن 360 يوما أو أكثر ؟
لا أشكّ مطلقا أنّنا، رجالا ونساءً، نختلف في نظرتنا إلى المرأة، سواء لاعتبارات دينيّة أو اجتماعيّة أو حتّى فزيولوجيّة أو سواها، غير أنّ كلّ تلك الدوافع تبقى نسبيّة، وقد تختلف من شخص إلى آخر، ولا يُمكن فرضها بالكيفيّة نفسها على الجميع. وفي كلّ الأحوال لا يمكن أن تحجب الواقع الاجتماعي الجديد، وهو واقع يتسم عمليّا بالشراكة الفعليّة حتى وإن رفضها البعض ظاهريّا...
المرأة أضحت، على المستوى العملي، شريكا حقيقيّا في الاضطلاع بكلّ المهام والمسؤوليّات، فلماذا النظر إليها على أنّها إنسان يُركنُ في المرتبة الثانية، وينبغي فقط مكافأتها بيوم احتفالي نظير تلك الشراكة المُعترف بها على مستوى الخطاب المُعلن، وهي المدفوعة إلى الصفّ الثاني على مستوى الممارسة...
المرأة في الزمن الراهن أضحت في تقديري بمثابة نصفنا الأوّل، حيث لا حياة إذا لم يكتمل النصفان...
ملاحظة: سبق أن كتبت هذه الورقة ونشرتها يوم 13 أوت الماضي، والحقيقة، شعرت في هذه اللحظة أنّني سأكرّر نفسي، ولذلك أعيد نشر هذه الورقة التي أراها تغنيني عن حديث طويل إلى حين...

ليست هناك تعليقات: