وصلني منذ حين من الصديق محمد العروسي بن صالح، رئيس تحرير جريدة "الشعب" التونسية، الخبر التالي :
منعت السلطات الحدودية المصرية اليوم السبت القافلة النقابية التونسية التي وصلتها من ليبيا محمّلة بنحو 70 طنا من الأدوية والمعدات لفائدة سكّان غزة من العبور إلى التراب المصري، حيث أوقفت القافلة المتكوّنة من 12 فردا وشاحناتهم الخمس وسياراتهم وشطبت التأشيرات المحمولة على جوازاتهم والتي كانوا حصلوا عليها من سفارة مصر بتونس قبل المغادرة.
وأفاد أحد أعضاء الوفد في مكالمة أجراها معه مسؤولون من الاتحاد العام التونسي للشغل رابطوا في المقر لمتابعة الوضع أن رجال الحدود المصريين في نقطة السلوم تعاملوا معهم بقسوة ودعوهم إلى العودة على أعقابهم وهدّدوهم بالترحيل بالقوة إن هم لم يستجيبوا للأوامر.
وأوضح المتحدّث أن الوفد فاوض كامل يوم السبت السلطات الحدودية المصرية في محاولة لإثنائها عن قرارها لكن محاولاته باءت بالفشل ممّا اضطر أعضاء الوفد إلى الاعتصام على عين المكان احتجاجا على سوء المعاملة من جهة وخاصة على تناقضات السلطات المصرية في قراراتها من جهة أخرى، حيث أن سفارتها في تونس أسندت التأشيرات بالأختام الضرورية على جوازات كافة أعضاء الوفد فيما عمدت شرطة الحدود إلى شطبها وكأنها مجرّد علامة لا قيمة لها.
وفي ردّ فعل فوري على الحادث قال مسؤولون في الاتحاد العام التونسي للشغل قطعوا إجازاتهم ورابطوا بالمقر المركزي لمتابعة الوضع أنهم يقومون باتصالات مكثفة في كل الاتجاهات لتأمين سلامة أعضاء الوفد أولا ولبحث حل للإشكال لا يقل عن إيصال الأدوية والمعدات إلى مستحقيها من الأشقاء الفلسطينيين من جهة ثانية.
يذكر أن الوفد النقابي انطلق في رحلته مساء الاثنين الماضي من رادس جنوب العاصمة تونس على رأس رتل من خمس شاحنات كبيرة تحمل في الجملة 70 طنا من الأدوية والمعدات الطبية جمعها العمال والنقابيون أثناء الحرب على غزة مطلع العام الجديد. كما كانت دفعة أولى من الأدوية زنتها 10 أطنان جمعها النقابيون والعمّال التونسيون لفائدة الأشقاء في غزة وسلمها الهلال الأحمر التونسي عبر طائرة خاصة حطت في مطار العريش المصري إلى نظيره الفلسطيني بحضور مندوب عن الاتحاد العام التونسي للشغل.
التعليق : الشيء من مأتاه لا يُستغرب (طبعا أنا أميّز بين الشعب الطيّب ومواقف السلطات)، وقد سبق أن أعلمني عدد من الأخوة الفلسطينيين عن بؤس المعاملة التي يلقونها من الأمن المصري في منطقة رفح الحدوديّة، ليس اليوم فقط (بعد أن كشف الإعلام المستور) وإنّما منذ بدايات تطبيق اتفاق أوسلو عام 1994 عند عودة العديد من الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في تونس!!!
هناك تعليقان (2):
"بحانك ربي، ... فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر سجون متلاصقة، سجان يمسك سجان"...
و الشيء من " الدكتاتوريات" لا يستغرب..
نعم، هذا مثل جديد، "الشيء من الدكتاتوريّات لا يُستغرب".. ولكن بعد تجارب عديدة نسبيّا أصبحت مثل "المتشائل" الذي تحدّث عنه إميل حبيبي لا أثق حتّى في حقيقة الديمقراطيّة الغربيّة المزعومة. فكلّ الأنظمة تبدو متشابهة من داخلها وكلّها تسعى إلى تجاوز صلاحيّاتها حتى وإن بدت غير ذلك في ظاهرها، لأنّه لا يمكن أن تستقيم الأمور إذا مورست الديمقراطية في واد وسُلخت سلخا في واد آخر مثل تردّد هذه الدول في المسّ بحقوق شعوبها مقابل ممارستها إرهاب الدولة المعلن إذا تعلّق الأمر بشعوب أخرى مستضعفة..
ومع الأخذ بالنسبيّة ورفض التعميم، أرى أنّ الأمور قد اختلطت إلى درجة فقدان الأمل في مستقبل الإنسانيّة بما يجعلنا نأخذ بآراء ماكيافيل وهوبس في تحليل طبيعة الأنظمة السياسيّة والاجتماعيّة السائدة أكثر من أي عصر مضى..
وقد يكون هذا للأسف من السلبيّات أو ربّما الإيجابيّات المؤلمة التي أدّى إليها تطوّر تكنولوجيات الإعلام والاتصال، إذ من اليسير اليوم كشف الأقنعة بما أدخل المثقف المستقل -وخاصّة في مجتمعاتنا- في أزمة، أصفها شخصيّا بالوجوديّة المحزنة التي لا أمل لها لا في الداخل المنفصم ولا في الخارج الانتهازي..
إرسال تعليق