في الفراغ.. واختلاط الحابل بالنابل!!
قرأت تعليقا في إحدى المدوّنات خصّصه صاحبها للردّ على بطاقة تتهجّم فيها إحدى الصحفيّات على النقابة الوطنيّة للصحافيين التونسيين، وقد دفعني ذلك إلى إبداء الرأي التالي :
نقابة الصحافيين وقبلها جمعيّة الصحافيين ليست ملكا لأحد.. هي هيكل له أهميّته وقيمته الاعتباريّة بغضّ النظر عن وضعها الحالي.. فالأشخاص زائلون لا محالة، والتاريخ سيحفظ ما تخطّه اليد ويقوله اللسان سواء بالسلب أو الإيجاب.. وإذا كان من الهامّ تسجيل المواقف، فقد علّمتنا التجربة المتواضعة أنّه عندما يختلط الحابل بالنابل يكون من الأفضل تجاهل ما لا يُغني ولا يُسمن من جوع..
بعض الردود المتشنّجة لا يمكن تصنيفها إلا في سياق تصفية حسابات خاصّة لا تليق بصورة الصحفي أصلا.. وفي هذا النطاق أتمثل ما جاء في تلك البطاقة، ويبدو للأسف أنّ صاحبتها -التي لا أعرفها شخصيّا- تعاني من مشكلة انتماء، لأنّه لا نقابة الصحافيين ولا الوزارة المشرفة على القطاع في حاجة لمثل تلك المزايدات الباحثة عن معنى دون جدوى.. فموقف الصحافيين التونسيين بشأن حماية المهنة من الدخلاء واضح منذ سنين عند صياغة مشروع خيارهم الاستراتيجي بشأن "الاتحاد"، وهو ما لا يحتاج إلى إثبات...
وهنا أودّ الإشارة إلى أنّ مشكلة الدخلاء في مهنة الصحافة مطروحة في العديد من الدول العربيّة ففي مصر نقابة الصحافيين دون سواها هي المؤهّلة لرقابة مسالك الدخول إلى المهنة وإسناد بطاقة "الاحتراف" أو البطاقة المهنية حسب اختلاف التسميات. وفي تونس والجزائر والمغرب هناك لجنة مشتركة لتحديد المؤهلين لنيلها. أمّا في عدد من دول الخليج العربي لا كلّها فإنّ من يكتب في الصحف بعض الورقات -حتى إن كان عمله الأصلي في قطاع النفط- فبإمكانه الانضمام إلى جمعية الصحافيين، حيث تضمّ كل من هبّ ودب، فشتّان بين التعبير عن الرأي والانتماء إلى المهنة.. وليس هكذا طبعا يمكن المحافظة على المهنة من الدخلاء على الصحافة وأهلها.
في كلمة أجد نفسي مضطرا للقول إنّ الجهل بقيمة المهنة وقيمها وآليّاتها لا يُمكن أن يُنتج سوى الفراغ...
ملاحظة : المدوّنة المعنية هي للزميل محمود العروسي ويمكن الاطلاع على محتواها بالنقر على الرابط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق