2008-11-20

- ماذا بعد تعيين أوّل وزيرة للإعلام والثقافة في البحرين والخليج؟؟

مي آل خليفة.. ترسيخ الخيارات التنويريّة ومواجهة التيّارات الرجعيّة!!
تمّ أمس الأوّل تعيين مي آل خليفة وزيرة للثقافة والإعلام في البحرين. وتُعدّ المسؤولة البحرينيّة المذكورة أوّل إمرأة تُعيّن على رأس وزارة الإعلام في البحرين والمنطقة الخليجيّة بأسرها. وقد تضمّن القرار الملكي بتعيينها تعديل مسمّى الوزارة لتشمل الثقافة. وهذا في حدّ ذاته تطوّر نوعي لأنّ الثقافة في الدول الخليجيّة كانت دائما تقتصر على مجرّد إدارة أو قطاع تابع لوزارة الإعلام أو وزارة التربية، الشيء الذي لا يزال قائما إلى اليوم في معظم الدول الخليجيّة. وبغض النظر عن هذه الملاحظات التأريخيّة فإنّ تعيين مي آل خليفة يطرح أكثر من استفهام عن دور المرأة في صنع القرار في الخليج وعن دقّة المهام التي ستضطلع المسؤولة البحرينيّة الجديدة.
وتُعدّ وزارة الإعلام في البحرين كما في سائر الدول الخليجيّة أهمّ وزارة بعد وزارات السيادة ووزارة النفط وربّما تسبق أحيانا تلك الوزارات أهميّةً. وكما هو واضح فإنّ مي آل خليفة تنتمي إلى الأسرة الحاكمة ولذلك تُلقّب بـ"الشيخة" مثل أيّ بنت أو ولد ينتسب إلى الأسرة الحاكمة في الإمارات الخليجيّة، فهي في مقام الأميرة ممّا كان بلا شكّ أحد دوافع اختيارها لهذا المنصب الدقيق.
ومع ذلك تشهد مسيرة المسؤولة المذكورة باستحقاقها لهذا المنصب، وخاصة في ما يتعلّق بالثقافة فقد شغلت منصب الوكيل المساعد لقطاع الثقافة والتراث الوطني التابع لوزارة الإعلام، قبل أن تُعفى من منصبها ذاك بعد خلافات مع ثلاثة وزراء إعلام متعاقبين حول الصلاحيات الموكولة لها. كما كانت صاحبة المبادرة في إحداث عدد من المراكز والمؤسّسات الثقافية في البحرين. وقد عُرفت بالخصوص بالإشراف على مهرجان ربيع البحرين. وفيما نالت شهادات الاستحسان عربيّا ودوليّا على دورها في خدمة الثقافة في البحرين فإنّها تعرّضت لانتقادات التيّار الديني المتشدّد واتهامها بكونها تسمح بتمرير بعض المواقف ذات الايحاءات الإباحيّة في بعض الأعمال المسرحيّة والفنيّة التي تُعرض في المهرجان البحريني الشهير.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مي آل خليفة سبق ان اختارتها مجلة فوربس الأمريكيّة من ضمن أقوى 50 شخصية عربية رائدة، كما حصدت جوائز عديدة منها جائزة المرأة العربية المتميزة في مجال القيادة الإدارية من مركز دراسات المرأة في باريس، ولكنّ تلك الشهادات تبدو في اعتقادي بروتوكوليّة اعتبارا للمقاييس الاعتباطيّة التي يتمّ اعتمادها في تلك التصنيفات. ولذا فإنّ الأهمّ من تلك الشهادات الفخريّة ومن شهادة الماجستير الحاصلة عليها هو مدى قدرة مي آل خليفة على إنجاز مشروع تنويري يسهم في إخراج المجتمع البحريني من دائرة نفوذ القوى السلفيّة التي تكاد تُهيمن حاليّا على البرلمان.
مي آل خليفة هي ثالث إمرأة تحتل حقيبة وزاريّة في البحرين، ونأمل أن تلقى النجاح في إحداث بعض التغيير المنشود والخروج بالمجتمع البحريني من مجتمع ذكوري وقبلي وتتنازعه بعض الانتماءات الطائفيّة إلى مجتمع منفتح ومتجانس في تعدّديته وقبوله للاختلاف، لاسيّما أنّه يُعدّ دون أدنى مقارنة المجتمع الأكثر انفتاحا في دول الخليج..

هناك تعليقان (2):

HNANI يقول...

مبروك للبحرين بهالتقدّم و التطوّر و التحرّر للمرأة البحرينية.. خلينا نفرحو بتحرير المرأة في البحرين باش ما عادش يجينا من الخليج السب و الشتيمة لتحرر المرأة التونسية... و كيف ماقلت حركات التحرر تتحرّك للأمام في الخليج بينما في تونس ماشية للوراء.

"شبه مواطن" يقول...

أوافقك الرأي إلى حدّ ما. صحيح أنّ المجتمعات الخليجيّة تتطوّر بخطى حثيثة، ولكن لا ينبغي أن تغرّك المظاهر.. فتلك المجتمعات رغم التطوّر الظاهر لا تزال غارقة في التقسيم القبلي.. فالقبيلة ربّما لها الوزن الأهمّ في كلّ التقسيمات الاجتماعية، فضلا عن القوى السلفيّة التي تتحكّم في الرقاب وتُحرّم وتُحلّل.. بالإضافة إلى أنّ الأنظمة الحاكمة مستفيدة من التوازنات القائمة في تلك المجتمعات الذكوريّة.. أعطي مثلا عرفته عن قرب بالنسبة إلى إعطاء المرأة الكويتية حقوقها السياسيّة في الانتخاب تصويتا وترشّحا، فقد مارست الحكومة من أجل تعديل قانون الانتخاب كلّ الضغوط المشروعة وغير المشروعة على نواب مجلس الأمّةالإسلاميين والقبليين بما في ذلك قضاء مصالح هذه الفئة أو تلك.. والهدف من وراء ليس تسوية وضع خاطئ وغير دستوري وإنّما تلميع صورة ديمقراطيّة كويتية عرجاء..
ومع ذلك فإنّ لهذه الحيويّة وهذه الإجراءات إيجابيّاتها في تلك البلدان على المدى المتوسّط أو البعيد.. ولذا فإنّني لا أقول بالنسبة إلى تونس أنّه علينا أن نخطو مثل دول الخليج لأنّه لا مقارنة بين الجانبين في مجال النوع الاجتماعي الذي نسبقهم فيه بعقود عديدة، ولكن علينا طبعا أن نتجاوز حالة الجمود والازدواجيّة التي نعيشها في مجالات عدّة..