في معاني المناوءة والموالاة
بئسا لك أيّها المستقل، لا مكان لك في هذي البلاد،،،
لا تحاول أن تختار لك مكانا، فهناك دائما من يُفوّض نفسه لهذه الخدمة دون مقابل، لا تتعجّب قد يكون تلميذا أو طالبا بدأ يشق طريقه، أو مسؤولا عليه أن يُحبّر تقريرا أو معارضا انتهازيّا، النتيجة سواء.. القاسم المشترك بين هذا وذاك أنّ كلاهما لا يجد ضيرا أن يُنكّل بك.. لا مكان لك إن أردت أن تكون مُستقلاّ.. وليس لك أن تُعلن رأيك صراحة سواء بشأن هذه الجهة أو تلك.. كيف يمكن أن يتمّ تصنيفك إن تمسّكت بموقع المستقل.. لا تحاول تعقيد الأمور وتغيير المسمّيات، فأنت إمّا مُخبر وكاتب تقارير أمنيّة ومجرّد وصولي أو على العكس مجرّد مقاول انتهازي للمعارضة السياسيّة ومرتبط بمصالح أجنبية...
أليس هذا نسخةً مطابقة لذاك الخطاب الإطلاقي الذي لقّنه جورج بوش للعالم قبل أن يرحل: "من ليس معي فهو ضدّي"..
لا ألوان في هذا العالم سوى الأبيض والأسود.. فأنت إمّا مناوئ أو موالٍ.. أمّا أن تحافظ على حدّ أدنى من الاستقلاليّة، فتقول ما تراه صائبا، وأن يُسمح لك بأن تكون كائنا بشريّا يُخطئ ويُصيب في التقييم أحيانا، فذاك من المحظورات الأُوَل!!
قد نكون ممّن لم نفهموا شيئا بعد من منطق هذا العالم، وربّما أصاب الشاعر نزار القبّاني منذ زمن حينما قال: لا توجد منطقة وسطى بين الجنّة والنار!! قد يكون ذلك صائبا!!
ومع ذلك يُطرح السؤال مجدّدا: كيف السبيل لمقاومة هذا الفكر الإطلاقي البائس المتزلّف؟، هل عليك أيّها المستقلّ أن تستقيل تماما وتنزوي في إحدى المناطق النائية أم ترحل عن هذا العالم كليّا أم حريّ بك أن تعتنق الإلحاد السياسي والفكري، فتفعل مثل مخلوقات شبيهة بالإنسان حُبست في حدائق الحيوان واعتُبرت أنّها لا ترى ولا تسمع ولا تتكلّم...؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق