قرار ريادي للبحرين بإلغاء نظام الكفيل يكشف بشاعة الممارسات العنصريّة في دول الخليج
قرأت في موقع "BBCArabic" أنّ مملكة البحرين قرّرت إلغاء "نظام الكفيل" المعمول به في جميع الدول الخليجيّة، وأرجأت دخول هذا القرار حيّز التنفيذ إلى شهر أوت/أغسطس المقبل. وبالنظر إلى بشاعة هذا النظام الاستعبادي فإنّ خطوة البحرين تُعدّ إيجابيّة للغاية لأنّها ستحدّ من توظيف أرباب العمل في البحرين لهذا الإجراء القانوني المتنافي مع كلّ المعايير الدوليّة للعمل بهدف استنزاف العمال الوافدين وابتزازهم وإذلالهم بكلّ الوسائل الممكنة.
ومع أنّه ينبغي تجنّب التعميم نظرا إلى وجود رجال أعمال يحترمون إنسانيّة الإنسان في الخليج كما في بقيّة بلدان العالم، فإنّ نظام الكفيل المتداول بشكل شائع في الخليج يعطي للكفيل أو صاحب العمل حقّ افتكاك جواز سفر الأجير الأجنبي على غير وجه حقّ، بما يحرمه من حقوق عديدة مثل تغيير عمله وتحسين ظروفه الشغليّة وحريّة التنقّل، كما يمكن أن يصل الأمر إلى حدّ منعه من العودة إلى بلاده. وفي حالات كثيرة يعمد الكفيل إلى ابتزاز العامل الأجنبي ومطالبته بمبالغ باهظة لتمكينه من جواز سفره بما يتيح له البحث عن عمل آخر ينتهي مجدّدا بمصادرة جواز السفر من قبل الشركة أو صاحب العمل الجديد.
والأخطر أنّ نظام الكفيل لا يقتصر اعتماده على رجال الأعمال والشركات الخاصّة وإنّما يمتدّ أيضا إلى ما يُسمّى بالكفيل الحكومي أي الوزارة أو المؤسّسة أو الإدارة الحكوميّة التي تُصادر جواز السفر إلى غاية "ترحيل" العامل الوافد عند نهاية عقد عمله أو لأيّ سبب يمكن لأشخاص أو جهات حكوميّة اختلاقه، وتلك ممارسات كثيرة الرواج في بلدان الخليج. وحسب ما بلغني فقد جدّت حادثة في السعوديّة منذ سنوات لأحد المدرّسين التونسيين فقد سارع بالاحتماء بالسفارة التونسيّة هناك بعد أن قام بتعنيف مدير مدرسة سعوديّة تعمّد إذلاله باستغلال مسألة الكفيل الحكومي. وقد نتج عن تلك الحادثة توقف السلطات السعوديّة عن مصادرتها المقنّعة لجوازات سفر التونسيين لأنّه ليس من حقها فرض تلك الإجراءات اللاقانونيّة في حين بقي الأمر على ما هو عليه في قطاعات غير التعليم وبالنسبة إلى المساكين من مهاجري دول أخرى.
نظام الكفيل يعدّ للأسف بدعة خليجيّة تتعارض كليّا مع المعايير الدوليّة الدنيا للعمل بل وتتعارض أصلا مع القانون، لأنّ جواز السفر ليس ملكا لمن يحمل اسمه وإنّما هو ملك بمقتضى القانون للدولة التي ينتسب إليها. والأكيد أنّ قرار البحرين بالتخلّي عن هذا الإجراء المهين يُعدّ إنجازا دستوريّا صائبا بما أنّه يضع حدّا لأساليب مستحدثة من الاسترقاق والعنصريّة لا تزال طور الممارسة في دول الخليج بغطاء قانوني، وهو ما يعكس زيف ما تدّعيه بعضها من ممارسة ديمقراطيّة هي أشبه ما يكون إلى الدعاية الجوفاء والانتهازيّة الفاحشة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق