2008-09-29

- وكالات تبيع أوهام الشهرة للشباب..

الاحتيال في "وكالات" الإنتاج السمعي المرئي

انتشرت خلال السنوات الأخيرة في تونس وربّما في سائر الدول العربيّة عشرات الشركات والوكالات الخاصّة التي تـُعلن نفسها مختصّة في الإنتاج السمعي المرئي. وتتنوّع المهام والخدمات التي تعرضها هذه الوكالات مثل تصوير الأفلام والبرامج الوثائقيّة والأشرطة الثلاثيّة الأبعاد (3D) والصور المتحرّكة (cartoons) أو الاقتصار على إجراء الكاستينغ (casting) والتكوين في أساليب التعامل مع الكاميرا وسائر المعدّات التقنيّة ذات العلاقة...
وعموما تبقى هذه الأنشطة مشروعة إذا مورست في نطاق الشفافيّة واحترام الأخلاقيات العامّة وإذا خلت من أساليب الاحتيال والمخادعة والربح السهل، ناهيك وأنّ العديد من هذه المؤسّسات تقوم فعلا بدور فنيّ أو إعلامي نزيه وتـُسهم عمليّا في إرساء حركة ديناميّة للإنتاج الفني والإعلامي والثقافي في البلاد... ولكن هذه المؤسّسات الجادّة في نشاطها تـُعدّ بمثابة الشجرة المثمرة التي تـُخفي من ورائها غابة لا يوجد فيها سوى الأعشاب الطفيليّة والنباتات السّامّة والوحوش الكاسرة. وحسب بعض الإحصائيّات يوجد في البلاد ما يفوق 360 وكالة متخصّصة في الاستشارة والإنتاج السمعي البصري، كما يوجد نحو 150 وكالة كاستيغ.
وقد تناهى إلى علمنا أنّ بعض هذه الوكالات غير موجودة أصلا ولا تعدو أن تكون سوى أشخاص دون مُسمّى يقتصر وجودهم على خطوط هاتف جوّال يستقطبون عبرها العشرات من الشباب التائقين إلى الشهرة والإبحار في العالم الأخّاذ للتمثيل والفنّ... أمّا الوسيلة فتتمثّل في نشر بعض الإعلانات في الصحف عن القيام بكاستيغ خاصّ بفيلم أو كاستيغ دوري في معظم الأحيان، أي أنّه يقتصر على ملإ جذاذة إرشادات والتقاط صورة أو اثنتين حتى يكون المشارك على استعداد حينما يحين الموعد العظيم الذي سيجعل منه نجما يخترق الآفاق. وبطبيعة الحال فإنّ ذلك يتمّ في حيّز من الوقت لا يتجاوز خمس دقائق بعد دفع معلوم المشاركة في حدود عشرة دنانير، وهو مبلغ "زهيد" غالبا ما تنتفخ قيمته بتجاوز عدد المشاركين مائتي شخص خلال يوم أو يومين. أمّا الأغرب من هذا الاحتيال المفضوح فهو الدورات التكوينيّة والتدريبيّة التي تـُجريها بعض الوكالات حول كيفيّة التصرّف والتعبير والتواصل الافتراضيّة مع رجالات الفن، في انتظار توفّر فرصة إجراء تجربة أو تجارب تمثيليّة حقيقيّة يوما مّا أمام أحد المخرجين أو المنتجين أو من ينوبهم..
في كلمة، تجار الوهم والاحتيال والتطفّل لم يتركوا أي مجال إلا ودنّسوه على حساب أصحاب الكفاءة والجهد..

ليست هناك تعليقات: