خطاب الكاريكاتير..
يعبّر هذا الرسم الكاريكاتوري عن الازدواجيّة الكامنة في دواخل صحفيّ يساوره خوف شديد من مقصّ مُوَجّه نحو قلمه المرتعش أصلا بحكم ارتباطاته وولاءاته وممانعته عن الإصداح بحقائق الواقع كما هي...
وللإشارة فإنّ هذا الكاريكاتير اقتبسته عن جريدة "الوطن" السعوديّة. وما شدّ انتباهي في مناسبات عديدة أنّ الصحف السعوديّة المطبوعة داخل المملكة كثيرا ما تنشر رسوما كاريكاتوريّة مميّزة حرفيّا وتعالج قضايا اجتماعيّة حقيقيّة وتتّسم بالجرأة بغض النظر عن الخطوط الحمراء المعروفة. وهنا يتراءى أمامنا التناقض الصارخ بين مضمون هذا الخطاب الإعلامي المتخفي وراء الكاريكاتير وبين الواقع السياسي المتردّي في البلاد. ولنا أن نتساءل في هذا السياق عن دواعي هذه الجرعة الزائدة من حريّة الصحافة في رسوم الكاريكاتير المنشورة في الصحف السعوديّة بالداخل. هل يعود ذلك إلى عدم الاكتراث بمضامين الكاريكاتير الصحفي لاعتماد خطابه أسلوبا غير مباشر في التعبير عن المشاكل القائمة؟ قد يكون ذلك صحيحا إلى حدّ مّا، لكن الجزم بصحّته يستجوب متابعة متأنّية حتى لا نقول دراسة عميقة..
كما قد يجوز أيضا أن نستشهد بقول مُعبّر عن أسلوب الحكم في علاقته بالإعلام في البلاد العربيّة يُجسّده الرئيس المصري حسني مبارك وقد ذكرته لي أستاذة الإعلام المصريّة الدكتورة عواطف عبد الرحمان في زيارة لها منذ سنوات إلى تونس، إذ قالت على لسان مبارك ما مفاده أنّ "للصحافة أن تقول ما تريد، ولي أنا أن أحكم مثلما أريد". ومع ذلك قد تبدو هذه المقارنة مبالغا فيها، إذ من المعروف أنّ الصحافة السعوديّة في الداخل لا تتّسم بمستوى حريّة التعبير الذي بلغته الصحافة المصريّة أو بالنسبة إلى بعضها على الأقلّ ...
(مصدر الكاريكاتير:عبد الله بصمه جي جريدة "الوطن" السعوديّة)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق