لا يسار ولا يمين.. بل فوق وتحت
في ما يلي جانب من مقال للناشط الحقوقي التونسي محسن مرزوق بشأن ضرورة تجاوز التصنيفات الأيديولوجيّة السائدة في المنطقة. وقد نشره في صحيفة "العرب" القطريّة بتاريخ 23 جويلية 2009، ورغم ما يتسم به هذا المقال ظاهريّا من توغّل في التنظير فإنّه بدا لي جديرا بالقراءة المتأمّلة:
... في الوطن العربي حيث ما زالت السياسة عند القوى السياسية، خارج السلطة أو المعارضة، طقسا طهوريا يطمح إلى حل التناقضات على أساس نظرية «الفِرقة الناجية» والباقي في ضلالة، فما زالت الخرائط التقسيمية هي ذاتها. يسار ويمين. جماعة تملك الحقيقة المطلقة والباقي واهمون «القوميون» و«الإسلاميون» و«الليبراليون» و«الشيوعيون» كلهم باختلافات بسيطة يمارسون نفس الرياضة التصفيفية الإقصائية.
ولأنهم كذلك فهم يُقصون أنفسهم من مجال السياسة لأنهم يشتغلون نظريا وبدون أي تأثير عملي على شروط الكينونة بينما تبدأ السياسة بعد اعتماد الكينونة كونها هي -أي السياسة- طريقة إدارة الكينونة. وبينما هم أقلية، وفي حالة أزمة مستفحلة، وبينما ترزح شعوبهم تحت حكم أنظمة فاشلة في معظمها، يواصل القوم الاصطفاف على جغرافيا العدم.
نحن في قاع بئر سحيقة. فماذا تهم الاتجاهات الأفقية؟ كأن نكون على يسار قاع البئر أو على يمينها؟ فقط الاتجاه العمودي له أهمية. والمسار المطلوب هو الذي يدفعنا من الأسفل إلى الأعلى في اتجاه الخلاص. يتطلب هذا التغيير مراجعة عميقة وشاملة لن تصبح ممكنة إلا بالانخراط في السياسة الفعلية التي تطمح لإحداث التحول من خلال التنافس مع الكيانات الواقعية للقوى السياسية الأخرى.
الشرط الأول هو القبول بما هو موجود باعتباره موجودا ثم السعي لتغييره. فلن يحدث أي تغيير من خلال اللعب على رقعة شطرنج المخيلة الإيديولوجية. لا يمكن استيراد شعب مختلف ولا ثقافة مختلفة ولا قوى سياسية مختلفة وفق ما تحلم به الأفكار الخاصة.
التعامل مع الموجود هو أساس إنتاج المعقول، والمعقول هو طريق القبول، والقبول أرضية الشرعية، والشرعية تنتج الدور الفاعل الذي يفتح باب التاريخ.
هل ذهبت بعيدا؟ ربما ولكنها محاولة للذهاب إلى الأعلى، أما شمالا أو يمينا فلا أرى سوى مراوح المضيعة.
هناك تعليقان (2):
Chez-nous on a des cropuscules politiques d'oppositions qui detiennent la verite, et un seul parti politique qui detient le pouvoir.
Gardez la verite pour vous, et laissez moi le pouvoir
قسمة وخيّان
Par groupuscules, vous faites allusion aux partis officiellement reconnus, ces derniers ont des ambitions très limitées comparées à celles de ceux qui croient détenir la vérité et qui vivent dans l'ombre tout en étant aussi énormes quantativement que leurs frères ennemis au pouvoir.
Quant à moi, je ne fais partie ni du clan de ces derniers ni de celui du pouvoir en place.. mais les deux clans n'acceptent jamais que nous soyons indépendants
عندك الحق، قسمة وخيّان وأحنا على برّا
إرسال تعليق