2009-07-08

- عن العنصريّة والعنصريّة المضادّة...

حول حقيقة صمت الإعلام الغربي عن جريمة قتل مروى الشربيني

قرأت في موقع "منصّات" مقالا عن "صمت الإعلام العالمي عن جريمة" قتل المصريّة مروى الشربيني من قبل مجرم ألماني عنصري داخل حرم المحكمة بالذات وقد جاء في نهاية المقال ما يلي : "أين اختفى الإعلام الدولي؟ رغم طبيعة وظروف الجريمة، كان تغاضي الإعلام الدولي عنها كبيرا. منذ يوم السبت الماضي، أي بعد ثلاثة أيام على الجريمة، لم تذكر أي وسيلة إعلامية كبرى غير وكالة أسوشيايتد برس الحادثة، عكس ما حصل مع حادثة مقتل الطالبة الإيرانية "نداء" التي قتلت خلال تظاهرة في طهران على يد أحد عناصر الباسيج. فقد التقط أحد المتظاهرين اللحظات الأخيرة لنداء بواسطة كاميرا هاتفه النقال، وبث الشريط مرارا وتكرارا على جميع القنوات الإعلامية المهمة، مع نشر آلاف المقالات عن ذلك".

الـتـعـلــيــــق :

لا شكّ أنّ مقتل مروة جريمة عنصريّة بكلّ المقاييس باعتراف المسؤولين الألمان. أمّا إن كان عملا إجراميّا فرديّا أم لا فاعتقد أنّ أجهزة الأمن الألماني تعرف ذلك جيّدا، وتدرك إن كان ذاك المجرم العنصري منتمٍ إلى إحدى خلايا "النازيين الجدد" أو غيرها من التنظيمات العنصريّة الغربيّة أم لا. وقد ترى تلك الأجهزة بالتنسيق مع السلطات السياسيّة أنّه من الضروري حفاظا على أمنها القومي التكتّم على الأمر. أمّا عن صمت الإعلام الدولي سواء الألماني منه أو الأوروبي والغربي عموما، فهو ليس بالأمر الجديد، وخير دليل على ذلك التناول الإعلامي الأوروبي غير المحايد للملفين الملفين العراقي والفلسطيني. وكما هو متعارف عليه في علوم الإعلام والاتصال فإنّ الخطّ التحريري لتلك المؤسّسات الإعلاميّة من الطبيعي أن يتوافق مع توجّهات جمهورها بصرف النظر عن قيم الحق والعدالة والحياد.

ومع ذلك يجب ألاّ ننسى أنّ الإعلام الألماني هو أوّل من تحدّث عن تلك الجريمة العنصريّة قبل اندلاع مظاهرات الاحتجاج في مصر وغيرها. ولذلك ينبغي تجنّب التمادي في التوظيف الأيديولوجي والسياسي غير المبرّرين، فقد سبقت صحيفة بيلد الألمانيّة الذائعة الصيت غيرها في التأكيد على الطابع العنصري الذي حرّك ذاك القاتل لارتكاب جريمته.

أمّا مثال مقتل الطالبة الإيرانيّة "نداء" فالمقارنة في رأيي لا تجوز لأنّ الخطأ لا ينبغي تبريره بخطإ آخر. وفي نطاق هذا التوظيف السياسي الأيديولوجي جاء أيضا ردّ فعل الخارجيّة الإيرانيّة التي دعت سفراء الاتحاد الأوروبي في طهران لإبلاغهم الاحتجاج الرسمي لإيران ضدّ مقتل الطبيبة المصريّة، وكأنّ الضحيّة قتلت من قبل الشرطة الألمانيّة بسبب رفضها نزع الحجاب، في حين تعتبر السلطات الإيرانيّة تدخلا سافرا في شؤونها أيّ حديث عن العديد من القتلى الإيرانيين الذين سقطوا برصاصها لمجرّد رفع أصواتهم في شوارع طهران.

ملاحظة أخيرة :

تحوّلت مراسم تشييع جثمان مروة الشربيني في مدينة الإسكندريّة المصريّة إلى مظاهرة للتنديد بالعنصرية الأوروبية ضد المسلمين. وهذا يبدو ردّ فعل انفعالي طبيعي، غير أنّ ما لفت انتباهي في متابعتي لهذه القضيّة أنّ عددا من الوزراء والنواب والمسؤولين المصريين شاركوا في تلك المظاهرة.. ما أكتفي بقوله هو : آمل أن يشارك هؤلاء المسؤولين وأمثالهم في العديد من الدول العربيّة في مظاهرات تنّدد بالعنصريّة التي تمارس يوميّا بين أبناء البلد الواحد وبين العرب في ما بينهم ولنا من العنصريّة في بعض الدول العربيّة تحت عنوان "نظام الكفيل" ما يُغني عن التعليق. وربّما أكتب مقالا في الفترة المقبلة عن الأوجه المختلفة للعنصريّة في عدد من البلاد العربيّة.

ليست هناك تعليقات: