حول هموم المثقف و الثقافة المعلبة
- التعليق الأوّل: (مُرسله غير معرف)
المشكل يظل في الاختيار بين وضعيتين :
1/ أن تكون داخل العلبة
2/ أو أن تكون خارج العلبة. وفي كلتا الحالتين فإنك تظل مستهلكا للثقافة المعلبة... من داخل العلبة أو خارجها ...
كمثقف: لك الإختيار... قدراتك كمثقف تحملك خيارك، أن تختار الزاوية...
أن تكون داخل العلبة أو أن تكون خارج العلبة فالبضاعة واحدة ...
ثقافة معلبة ثقافة تحتسيها،،، كما تحتسي قهوتك... كأنك كمثقف تجهل... بأن احتسائك للقهوة... ممارسة ثقافية معلبة.
- التعليق الثاني: علاء الدين بن عبد الله
هل المثقّف يصنع الثّقافة أم الثّقافة تصنع المثقّف؟
- التعليق الثالث: معز زيود
إثراءً للحوار أودّ مناقشة التعليقين السابقين، أبدأ بالتعليق الثاني لعلاء الدين عبد الله، فهو لئن ورد في شكل سؤال عمّن يصنع الآخر: المثقف أم الثقافة، فإنّني أراه متصلا شديد الاتصال بالتعليق الأوّل. فالمثقف مهما كان "حجمه" وتميّزه ينتمي بالضرورة إلى ثقافة كاملة هو جزء منها أو أحد إفرازاتها. ومن ثمة، فإن الثقافة بكلّ عواملها وتقاطعاتها هي التي تصنع إلى حدّ ما المثقف لأنّه لم يأت من فراغ. وقياسا على ذلك فإنّ الثقافة المعلّبة قد لا تصنع أو تُهيء الظروف إلاّ لصنع مثقف يُنتج ثقافة معلّبة، أي عمليّة إعادة إنتاج للمنظومة الثقافيّة ذاتها بالمفهوم الماركسي.
ومع هذا ينبغي تجنّب إطلاق الأحكام الموغلة في الإطلاقيّة والتعميم، فكلّ عصر أنتج مثقفين أبحروا ضدّ التيّار الجارف. وفي هذا مشروع إجابة على التعليق الأوّل (لصاحبه غير المعرّف)، فالنظريّة الحتميّة déterminisme قد لا تصحّ في هذا الباب، بل وتنسف في تقديري أيّ فكر تقدّمي وتجديدي. أراني مع القول بأن احتساء القهوة يعدّ ممارسة ثقافيّة مُعلّبة، ولكن من وجهة مّا لا في المطلق.
وسعيا إلى التفكير في الموضوع سأكتفي بطرح بعض الأسئلة: ماذا عن مفهوم "المثقف العضوي" لدى غرامشي؟ هل انتفت مسوّغات هذا المفهوم في مجتمعات اليوم في رأيك؟!! كيف يمكن بلورة قيم إنسانوية وأخلاقيّة إذا ما استندت إلى وسائط ثقافة معلّبة وحسب؟ أن تكون خارج العلبة، ألا يُتيح ذلك للمثقف الحق -أي المثقف الملتزم بقضايا مجتمعه- بعض القدرة على نقد تلك الثقافة السائدة، حتى وإن كان هو نفسه تحت طائلة إشعاعها؟
عموما، يبدو لي أنّ الدائرة الجهنّمية التي سجنتَ في نطاقها المثقف على أنّه إحدى تعبيرات الثقافة المعلّبة لا يمكن أن يُؤديّ إلاّ إلى "انتحار المثقف" الفاقد الثقة في الثقافة السائدة هنا وهناك والآن...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق