2008-10-03

- ردّا على الردّ... جورج عدّه وخيانة الشعب اليهودي !!!

تعقيبا على تعليق zied tarek tounsi...
استرعت الورقة التي كتبتها بشأن وفاة المناضل التونسي جورج عدّة اهتمام أحد المبحرين في المدوّنة، فكتب تعليقا موجزا بدا لي في غاية الإثارة، وبمجرّد انتباهي إليه كتبت تعقيبا على هذا التعليق، ثمّ رأيت إعادة نشره حتى يكون أكثر مقروئيّة.
أمّا تعليق "zied tarek tounsi" فجاء حرفيّا كالآتي : georges adda est un tritre pour le peuple juif، وقد رأيت وجوب التوضيح وكتابة التعقيب التالي:
يبدو أنّ الخطأ الطباعي الذي وقعت فيه قد أضفى بعض الغموض على المعنى الذي تقصده، فهل أردت بكلمة tritre معنى titre أم traître لأنّ الفرق شاسع بين معنى اللفظين. وبما أنّ مواقف جورج عدّه واضحة بشأن مُعاداته المُعلنة للصهيونيّة ولوجود دولة إسرائيل أصلا باعتبارها قد انبنت على الاحتلال وتأسّست بتواطئ ودعم واضح ومعلن من القوى العظمى (ولك مثلا أن تطّلع على أيّ كتاب جغرافيا أو تاريخ فرنسي صادر قبل سنة 1948 حول منطقة الهلال الخصيب فستجده يتحدّث عن فلسطين ولا يستعمل كلمة إسرائيل إطلاقا) يبدو أنّك تقصد إذن أنّ جورج عدّة خائن للشعب اليهودي فهذا رأيك وقد يُشاطرك فيه بعض اليهود وربّما من بينهم بعض اليهود التونسيين، ولكنّه رأي في تقديري ضعيف جدّا لأسباب عديدة:
- أولا: أنت لا تـُفرّق بين يهودي وإسرائيلي. وهذا خطأ ثابت يُعدّ من جهة إجحافا في حق اليهود أنفسهم، كأن تعتبر مثلا يهود جربة وحلق الوادي يهودا إسرائليين وليسوا تونسيين وذلك بما يتنافى مع منطق أنّ الوطن للجميع والدين لله. ومن جهة أخرى يبقك زعمُك تحريفا وإجحافا في حق جورج عدّه نفسه الذي يبقى تونسيّا أوّلا وأخيرا.
- ثانيا: وقعت من حيث تدري أو لا تدري في فخّ ترويج الدعاية الصهيونيّة القائلة بأنّ اليهود شعب واحد ومتّحد أي "شعب الله المختار" وهذا تصوّر لا عقلاني يخلط بين التفكير السياسوي والتوجّه الأسطوري المتعصّب والذي تكمن وراؤه أيضا مقولة الإسرائيليين بأنّ فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض... علما أنّ مواقف جورج عدّه من القضيّة الفلسطينيّة ومناصرته الكليّة للشعب الفلسطيني في استرداد كلّ حقوقه التاريخيّة وحقه في تقرير مصيره هي مواقف مُعلنة ومعلومة من كلّ متابع.
- ثالثا: جورج عدّة يعتبر أنّ جذوره بربريّة بالأساس وأنّ بعض البربر من أجداده قد اعتنقوا اليهوديّة في زمن مّا ثمّ تمسّك أبناؤهم بها، إذ يقول بهذا الشأن ما يلي: Les Berbères, mes ancêtres, ont connu les Phéniciens, les Romains, les Vandales, les Arabes, les Normands, les Turcs et les Français qui ont successivement occupé mon pays et dominé mon peuple, devenus réellement indépendants et souverains il y a seulement un demi-siècle, il y a cinquante ans. Certains de ces Berbères, mes ancêtres, ont quitté le paganisme pour se convertir à la religion de Moïse et leurs enfants ont su résister aux harcèlements des nouveaux chrétiens puis à ceux des soldats d’Okba Ibn Nafaa. En gardant leurs traditions, coutumes, cuisine, musique, ils ont adopté la langue arabe qui est devenue la langue de tous.** ويعتبر جورج عدّة نفسه تونسيّا لحما ودما، وهو صادق صدوق في ذلك. وهو يقول في ذلك: تونس بلدي والشعب التونسي شعبي، غير أنّ قناعاتي الفلسفيّة (يقصد العلمانيّة) ليست تلك التي تتبناها أمّي وأبي. La Tunisie est mon pays et le peuple tunisien est mon peuple, mais mes convictions philosophiques ne sont pas celles de ma mère et de mon père. ومع أنّه لا يحقّ لنا مناقشة مدى وطنيّة بعض الأشخاص بغض النظر عن الاعتبارات السياسيّة، فإنّ جورج عدّة يُعتبر مناضلا تونسيّا بارزا من أجل تحرير البلاد من الاحتلال الفرنسي، فقد كابد معاناة السجن والمعسكرات الفرنسية زمن الاحتلال. ولذا من غير الأخلاقي إطلاقا وصف جورج عدّه بالخائن وهو المناضل من أجل التحرير والعدالة والمساواة.
- رابعا: اسمك المُعلن هو زياد طارق التونسي، وإذا ما قدّمت اللقب على الاسم (وفق العادة الفرنسية لوصف أبناء الطبقات الشعبية المسحوقة Tiers état) أضحى إسمك طارق زياد. ومعلوم أنّ طارق بن زياد هو قائد بربريّ من جبال الأطلس تبنّى الحضارة العربيّة الإسلاميّة الوافدة. وقد تدفعك هذه العلامة المشتركة مع جورج عدّه إلى إعادة التفكير في أصول الأشياء وتجاوز تناقضاتك قبل وسم الآخرين بالخيانة أو اللاوطنيّة أو رميهم بالانتساب الجزافي والمغلوط لأيّ كان...

** مقال نُشر لجورج عدّة في العديد من الدوريات التونسية والعربية والأجنبية في أوت 2006، كان في الأصل مداخلة اعتزم جورج عدّه إلقاءها في "المؤتمر العربي الدولي للتضامن مع حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره" كان يُفترض أن يُعقد في بيروت يومي 15 و16 ماي 2006 ثمّ تمّ تأجيله.

ليست هناك تعليقات: