باريس كما عرفتها.. وكما أضحت!!!
تعود آخر زيارة قمت بها إلى باريس إلى صيف عام 2001.. ومع أنّ لي في هذه المدينة صديقين تونسي وفرنسي فإنّني حرصت منذ زيارتي الأولى لها التجوّل بمفردي فيها، فكنت في معظم الأحيان أترجّل متصفّحا خرائط المدينة التي أحصل عليها مجانا في سلّات مخصّصة للغرض بأنفاق محطات المترو.. لم يخب ظنّي ولم أشعر قط بأنني قد أتوه في بعض الأزقة المظلمة التي كنت أمرّ بها.. أحببت هذه المدينة فرائحة التراث التي أعشقها تفوح في كلّ نواحيها.. عند التجوال في بعض الشوارع الباريسيّة المعروفة كالشانزيليزي كنت أخال نفسي في شارع الحبيب بورقيبة القلب النابض لتونس العاصمة.. لم أشعر في باريس بغربة المنبوذ قطّ، بل كان يُخيّل إليّ أنّها مدينة قريبة منّي ببنيانها وأهلها رغم عشقي لهدوء الريف ونفوري من صخب المدن الكبرى.. منذ فترة بدأت ترتسم في ذهني مشاهد مؤسفة عنها، هل ذهبت تلك الصورة الجميلة أدراج الزمن بلا عودة؟؟
حدّثني طبيب من أقربائي عاد بالأمس من عاصمة الأنوار قال : أصبح الأجنبي غير مرحّب به في فرنسا هذه الأيّام، فحيثما تذهب يمكن أن تشعر بالتمييز والعنصريّة، بدءا بلحظة وصولك إلى المطار حيث تـُلزم بالوقوف في طابور مخصّص لغير الأوروبيين، وبطبيعة الحال لا تلقى الترحيب نفسه الذي يحظى به مواطنو بلدان الاتحاد الأوروبي.. وأضاف قريبي الذي أثق في صحّة ما يقول: حتى لمّا تمتطي المترو، فإذا لاحظ من وقفت بجانبه أنّ ملامحك غير أوروبيّة يُسارع بمغادرة المكان مبتعدا عنك وغير ذلك من الممارسات العنصريّة المهينة.. حقيقة لم أجد ما أقوله!! هكذا بهذه السرعة ساءت الأوضاع وتبلّدت القيم المعلنة وتحوّل بلد الحريّة إلى مرتع للعنصريّة والتمييز واستعادت إدارته وبعض أهله ممارسات خلنا بعض الزمن أنّها ذهبت مع نهاية معظم مستعمراتهم في بلدان الجنوب..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق