اتحاد الكسكسي!!!
قرأت منذ حين ورقة قديمة في إحدى "مدوّنات مكتوب" تتحدّث عن محاولة عقد اجتماع لقيادات دول اتحاد المغرب العربي.. الورقة بدت لي انفعاليّة بكلّ المقاييس وتعكس مدى الاحباط الذي يحيط بصاحب المدوّنة الذي يبدو ذا توجّهات عروبيّة، وقد يئس من جدوى التجمّعات الإقليمية العربية المختلفة في تحقيق آماله الوحدوية.. ودون الوقوف عند أسباب الفشل الذي آلت إليه مختلف تلك التجمّعات والكيانات الجامدة أخذ في شتم الأنظمة السياسيّة وكأنّها لا تعكس حال مجتمعاتها، وكما لو كانت شعوبها لا تتحمّل أيّ جانب من المسؤوليّة...
وأكثر ما شدّ انتباهي في تلك الورقة عنوانها وهو"اتحاد الكسكسي".. طرافة هذا العنوان تكمن في أنّ "الكسكسي" هذه الأكلة ذات الجذور البربريّة -حسب ما أعرف- تمّ توظيفها لدلالات سياسيّة... وباعتبارها من الأكلات الشعبيّة المتداولة في مختلف بلاد المغرب العربي فإنّه لا اجتماع للعائلة الصغرى يوم الأحد إلاّ حول وعاء الكسكسي، وبانتهاء آخر حبّاته تفترق الجموع ويذهب كلّ إلى حال سبيله، فينسى هؤلاء ما كانوا يتحدّثون عنه إلى أن يجتمعوا مجدّدا لممارسة بعض الطقوس الفولكلوريّة ذاتها... وهكذا يبدو أيضا حال معظم كبرى الاجتماعات السياسيّة العربيّة...
أمّا في بلاد المغرب، فأقل ما يمكن قوله في أسباب التنافر وفشل الجهود الوحدويّة أنّها واهية وغير مبرّرة... ومن العيب في تقديري أنّ الاتحاد الأوروبي في حدّ ذاته كثيرا ما دعا دول المنطقة إلى تطوير التعاون والشراكة فيما بينها حتّى تتمكّن من حلّ مشاكلها التنموية وتكون قادرة على مخاطبة أروبا والعالم بأسره بصوت واحد.. في هذا المضمار، بقيت تونس تنادي بضرورة تفعيل مؤسّسات الاتحاد بلا مجيب لأنّ الدول المتورّطة في تعميق الانقسام السائد لا يهمّها غير الحسابات الضيّقة.. ومن المؤسف اليوم أن نرى دولة كبرى كالجزائر تقرّر -لاعتبارات سياسيّة عابرة- فتح حدودها مع المغرب بشكل استثنائيّ لمرور قافلة التضامن مع أهالي غزّة التي يقودها النائب البريطاني جورج قالاوي، في حين ترفض السلطات الجزائريّة التضامن مع كلّ شعوب المنطقة بما في ذلك الشعب الجزائري نفسه للتنقل بحريّة في بلدان المنطقة...
يبدو أنّ منطق الكسكسي والحريرة والكفتاجي والطبيخة (وغيرها من الأكلات المغاربيّة التي لا أعرفها) سيبقى المنطق الغالب في منطقتنا، ربّما إلى حين تذهب الأوتاد!
ملاحظة : شخصيّا أتساءل كم من موريتانيّ أو مغربيّ أو جزائريّ أو تونسيّ أو ليبيّ يعرف هذا العلم المفترض لاتحاد دول المغرب العربي!
2009-02-22
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق