2008-12-17

- عن "التحريف" في الإستراتيجيّة الواهية...

وصلتني رسالة من الأستاذ بمعهد الصحافة الدكتور جمال الزرن تتضمّن بدورها رسالة أخرى وصلت إليه من زميل الدراسة والصديق معز بن مسعود أستاذ الإعلام بجامعة البحرين يردّ فيها على ورقة كنت نشرتها في هذه المدوّنة وأشرت فيها إلى بعض مضامين مداخلة ألقاها في ملتقى معهد الصحافة حول الإعلام والرأي العام. بطبيعة الحال أنا لا أتردّد في نشر أيّ تعليق أو ردّ في نطاق التفاعل والجدل العلمي أو الثقافي المبني على أسس الاحترام المتبادل. وأودّ فقط الإشارة إلى أنّني لم أقم للأسف بتغطية شاملة للملتقى المذكور رغم اعتزامي آنذاك القيام بذلك، وربّما يُتيح ردّ الصديق معز بن مسعود الفرصة للعودة إلى موضوع الملتقى باعتبار الأهميّة التي تكتنفه.. إذن أشكر الأستاذين الصديقين على التفاعل، وآمل أن تكون للموضوع بقيّة (في قادم الأيّام) لتعميق الحوار ولتبيان أنّنا أبعد ما يكون عن ممارسة التحريف..
وفي ما يلي نورد نصّي الرسالة والردّ:
إلى الأخ الفاضل معز زيود
تحية إحترام وتقدير
لقد وصلتني رسالة من الأخ الفاضل الدكتور المعز بن مسعود ترد على تغطيتكم لمداخلته في ملتقى معهد الصحافة حول الرأي العام، فهل يمكن نشرها في مدونتك باعتبارها ردّ لك من أجل تفعيل الجدل ومعاكسة تيار النكوص.
الأستاذ جمال الزرن
عندما يكون الإدراك انتقائيا، يغدو كل شيء قابل للتحريف!
الأخ معز زيود المحترم
أشكركم على الاهتمام الذي شملتم به مداخلتنا، وإن بدا اهتمامكم سطحيا في تعامله مع بعض عناصر المداخلة، وانتقائيا إلى أبعد الحدود في تحليله لعنصر واحد على حساب عناصر أخرى، مما أساء إلى المضمون العلمي الذي أردنا التواصل من خلاله مع المتلقي، و سبب تحريفا لأبعاده.
بادئ الأمر أريد أن ألفت انتباهكم إلى أن العنوان – الذي لم يأت أقل طولا من عناوين بعض المداخلات الأخرى- والذي أدرجتم – بعض الملاحظات حوله ضمن تعليقكم- لم يكن عنوان مداخلتنا البتة، فقد كان العنوان الصحيح كالآتي: في غياب سياسة مواجهة الإعلام العربي لـ"ديكتاتورية الغرب الاتصالية": المعادلة الصعبة بين حيادية وسائل الإعلام وحرية الرأي العام؛ وقد حملنا العنوان دلالات كثيرة تخدم إشكالية بحثنا، وأهدافه، - مع الأسف الشديد- لم يتوقف قلمكم عندها.
لقد تحدثتم عن تطرقنا لعناصر "إستراتيجية واهية" وضعتموها كعنوان لتعليقكم، بل وعرفتموها بالألف واللام، في حين أن مداخلتنا تعرضت إلى مجموعة من المقترحات ترسم ملامح إستراتيجية إعلامية عربية وليس إستراتيجية قائمة الذات - كما أشرتم إلى ذلك في تعليقكم-؛ وكنا أكدنا على هذا التمشي لأحد المتدخلين - خلال الملتقى- عندما طرح سؤال عن مدى فاعلية وجود إستراتيجية إعلامية عربية، فوضحنا له حقيقة طرحنا مؤكدين له بأن الأمر يتعلق بمجموعة من المقترحات نسعى من ورائها إلى "رسم ملامح إستراتيجية إعلامية عربية تبقى- في حاجة إلى توافر الجانب الإجرائي فيها، ومتسمة بالنسبية". أما أن نكون منبهرين بفكر المؤامرة – كما تشيرون إلى ذلك في تعليقكم- من خلال "عرضنا لمجموعة من الاستنتاجات التي تبدو من قبيل الملاحظات العامة" تقر بتفوق الإعلام الغربي على الإعلام العربي، فإننا نود إحاطتكم علما بأن الاستنتاجات التي قدمناها تقوم على أساس معطيات إحصائية علمية تبين احتكار وكالات الأنباء العالمية للمعلومة (أكثر من 80% من التدفق الإعلامي الدولي مصدره وكالات أنباء غربية)، وتفوق المؤسسات الغربية العاملة في مجال صناعة المضامين الإعلامية، والاتصالية التي جعلت من الأسواق العربية مجرد مستهلك آلي لما يصنعه الغرب (وقد وضحنا ذلك من خلال عرضنا - بالأرقام- هيمنة المؤسسات الأمريكية على هذا المجال).
ومما يؤكد قراءتكم المتسرعة نوعا ما لمداخلتنا، هو عدم تعرضكم إلى عنصر تأرجح الإعلام العربي والرأي العام بين بناء القدرة على التأثير ومواجهة واقع التبعية للغرب الذي بات واقعا يتجاوز ما تسمونه بالملاحظات العامة. كما لم تتعرضوا إلى مجموعة التساؤلات التي طرحناها -والتي تعتبر من أهم عناصر إشكالية بحثنا- حول الأيديولوجيا الناعمة" -كما يسميها بيير بورديو- التي تمارسها بعض وسائل الإعلام العربية على الرأي العام.
إننا نستغرب أيضا طريقة قراءتكم لمداخلتنا التي اختصرتموها في مصطلح "إستراتيجية" - (التي لم تكن في نهاية الأمر سوى مجموعة من المقترحات ترسم ملامح إستراتيجية، - كما أكدنا ذلك آنفا- تحاول تجاوز وضعية الإعلام العربي الحالية المتأرجحة بين تأكيد الحضور، وتداعيات المواجهة)-، بينما أهملتم كل التساؤلات التي تطرحها إشكالية البحث الرئيسية عن واقع الإعلام العربي الذي لا يقرأ العالم وتطوراته إلا بعد حين، ولعل إدراككم الانتقائي هذا، وطرحكم للأشياء بهذه الطريقة، هو الذي أدى إلى تحريف كبير لمقاصد مداخلتنا الأساسية.
وما أثار دهشتنا حقا هو عدم وقوفكم عند بعض "المسلمات" التي أتت بها بعض المداخلات، وسُمعت لها رنات، قُدمت خلال الملتقى وجاءت باللغة الفرنسية، والتي تحتاج حقا إلى وقفة مطولة، هذا إن أردتم -طبعا- أن تعطوا لقراءتكم -لمداخلات الملتقى عموما- رؤية أكثر شمولية، فيها تعامل يتسم بالتجرد، والموضوعية.
إن ملاحظاتنا هذه تأتي في إطار تقديم بعض التوضيحات عن المحاور الرئيسية التي تضمنتها مداخلتنا العلمية، رفعا لكل لبس، خاصة وأن مهنة الصحفي تتطلب - أولا وقبل كل شيء- التعامل مع ما يقرأ، أو يسمع، أو يشاهد بتجرد، ومصداقية، وموضوعية، وأرجو أن نكون قد وُفقنا في ذلك.
مع أجمل تحيات معز بن مسعود

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

الأخ معز
أشكرك على نشر تعليقنا وقد تلقيت بعد من الأخت س-ح التي فضلت عدم ذكر اسمها تعليقا عما كتبنا، وأشكرها بالمناسبة على ملاحظاتهما.وحتى لا يكون التفاعل ثنائيا أرجو منك أخي معز استبعاد عنوان بريدي الإلكتروني من آخر النص حتى يكون التفاعل مستقبلا من خلال مدونتكم، وتكون الفائدة أعم وأشمل.
مع أجمل تحياتي/ معز

غير معرف يقول...

الأخ معز
أشكرك على نشر تعليقنا وقد تلقيت بعد من الأخت س-ح التي فضلت عدم ذكر اسمها تعليقا عما كتبنا، وأشكرها بالمناسبة على ملاحظاتهما.وحتى لا يكون التفاعل ثنائيا أرجو منك أخي معز استبعاد عنوان بريدي الإلكتروني من آخر النص حتى يكون التفاعل مستقبلا من خلال مدونتكم، وتكون الفائدة أعم وأشمل.
مع أجمل تحياتي/ معز